مقالات ادبية واجتماعية وفنية
عامر موسى الشيخ - كاتب عراقي
مع وصول أولى طلائع السائرين مشيا على الأقدام إلى حيث المدينة التي أعيش ، قاصدين زيارة الإمام الحسين عليه السلام حفيد النبي محمد عليه الصلاة والسلام ، عادت بي الذاكرة إلى نهايات العقد التسعيني من القرن الماضي ، حينما ، أوصى الشهيد السيد محمد الصدر بضرورة إحياء " شعيرة " المشي إلى كربلاء ، وإن كان في غير موعد الأربعين ، إذ قال الصدر ما نصه : " إن منعوكم من المشي في الأربعين ، امشوها في الشعبانية " في إشارة منه إلى النصف من شعبان ، وهو التاريخ الهجري لولادة الإمام المهدي المنتظر عند الشيعة .
فماذا فعل العراقيون ؟
حين سمع العراقيون مقولة الصدر ، امتلأت صدورهم بالحماسة ، واستوعبوا الكلام – طبعا ليس كل العراقيين – قصدوا كربلاء مشيا في الشعبانية ، وفي الأربعين أيضا من عام اطلاق الصدر تلك المقولة ، كل ذلك كان يُدرج تحت عنوان ، تحدي السلطة وجبروتها ، التي منعت الناس ممارسة معتقداتها ، فكانت لحظة تحد كبرى من قبل الذين نفذوا وصية سيدهم الصدر !
سلطة البعث حينها وأجهزة الدولة القمعية ، لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التحدي العلني الكبير ، فما كان منها ، إلا إعلان النفير العام ، ونشر العناصر السرية والسيطرات ونقاط التفتيش ، في كل زاوية وزقاق ، وشارع ، وممر سري أو علني ، في البساتين والمزارع ، في الطرق النيسمية ، في المبازل ، في الترع ، نعم ، في كل مكان كان يصل المحافظات العراقية بكربلاء .
وأصبح الزائرون الماشون يبتكرون طرق التخفي والتستر والمشي ليلا حتى لا يقعوا في أيادي السلطة ، ونجح في ذلك كثيرون ، ووقع في أيادي السلطة آخرون .
ولكن ما هي التهمة التي بسببها يتم القاء القبض فيها على المتهم ؟! هل المشي تهمة ؟ هل الزيارة تهمة ؟ بالطبع لا !!
وحتى يبرر النظام لنفسه حجة قمع هؤلاء ، تم لصق تهمة التسوّل في الطرقات بهذه الفئة من الناس ، وحينها شهدت السجون والمعتقلات سجن العديد من الشباب تحت هذا العنوان ، فكانت الأحكام ، تصدر بسجنهم في مدة أقلها سنة !!
تذكرت ذلك ، وأنا أسال : أين هم الواشون الآن ؟ أين الذين كانوا يتعقبون (الزوار) ويبلغون عنهم الجهات القمعية ؟ ما الذي حلّ بهم الآن ؟ ماذا يقولون لأنفسهم وهم يرون الملايين اليوم يقصدون كربلاء مشيا أمام مرأى العالم ؟
...........................
الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-
او تحميل تطبيق نخيل
للأندرويد على الرابط التالي
لاجهزة الايفون
او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي