loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

التصور أو التخيُل في أدب العالم الثالث

breakLine

 

إبراهيم أحمد الإعيسر
السودان - ألتي

بواقعية الأمر ظل التصور في حالة مقنعة أكثر من المنطق النسبي (الاستناد على المبررات الثابتة المتعارف عليها) بل التصور في ذاتيتهِ هو ما قاد لبناء تلك المبررات نفسها (المطلقة) عبر التجربة العلمية (التجربة العلمية في حد ذاتها هي تصور أو تخيل) ، كما ساهم التصور في إبتكار الصناعات الطبية والالكترونية والحركية (السيارات، الطائرات، السفن..الخ) والحربية (الاسلحة البيولوجية، الكيميائية..الخ) بل في كل الابتكارات على مر التاريخ والحاضر والمستقبل - لكن يظل التصور الأكثر دهشة داخل تلك الابتكارات هو الكيفية التي تم التصور بها لإكتشاف مواد أو معادن مثل الكولتان والسيليكون في أنها تمثل مادة خام في صناعة الهواتف الذكية ومحركات الطيران..الخ - من هذا المنطلق إذ تعمقنا في أدب العالم الثالث سوف نكتشف الغياب التام للتصور (غياب المخيلة المتخيلة للإبتكارات) هي ما تتعاكس مع أدب الخيال العلمي في (العالم المتمدن/الغرب) بل هو في العادة أدب يمكن أن نطلق عليه أدب (تعرية/تعرية الواقع المسكوت عنه) لا يحمل تمرد على الصورة المألوفة أو الأدوات الجامدة للكتابة الأدبية الإبداعية - إن كانت لنا خصوصية أدبية في هذا الأمر - أي أن تأخذ كمثال الرواية العربية أو الإفريقية حيزاً في خارطة (الحل/الرواية التي تطرح الحل/التي تصنع التصور (العلمي/الإبتكاري/الإكتشافي) ) ، لعل ذلك ما يعود إلى افتراضيات ملحوظة بدقة عند الأكثرية المتعمقة في تصورها قادت لتوجه هذا الأدب الذي له خصوصيته الخطابية: غياب التصور كمنهج في (المؤسسة التعليمية) كيف تصنع طبقة تفكر خارج الصندوق؟ هذا السؤال الذي يقود لصنعة التصور، الأدب نفسه هو ما يمكن أن يعد أداة لهذه الصنعة، فأدلجة الكاتب في ذائقته الفنية عبر المؤسسة الأدبية والتعليمية نفسها هي ما تقود لصنعة تقليدية في الكتابة الابداعية التي ربما تختلف من حيث الأسلوب وتتفق من حيث المضمون. تمركز الحروب، الفقر، المجاعة، الصراعات الثقافية والاثنية والدينية، الصراع حول السلطة، النزوح، اللجوء..الخ جمعيها ما أسهمت في فكرية الكاتب من العالم الثالث، أنظر إلى أدبيات نغوغي وا ثيونغو، تشينوا أتشيبي، ولي شوينكا، نجيب محفوظ، الطيب صالح، فرانسيس دينق..الخ هي أدبيات ربما تسهم في مقاومة السلطات الحكومية والتيارات الدينية المتمرد ضدها وفي التزويد المعرفي بقضايا الإنسان الإفريقي والعربي وبالاسهام في تقويمه أخلاقياً لكن هي في ضفة أخرى من أرضية (التصور العلمي بالأخص الذي يسهم في بناء الثروة الفكرية التي أصبحت في التنافس الإقتصادي العالمي تفوق موازينها بمراحل واسعة وشاسعة الثروة الطبيعية (المادة الخام) قبل تحويلها لثروة فكرية تتمثل لنا في الصناعات التي ذكرناها سابقاً) وهنا هذه النظرة تحديداً ما تقودنا إلى تأثير المكان الذي يمثل سلطة مكانية تتحكم في مسار الخطاب الأدبي للكاتب، وليس بالضرورة المكان الذي يعيش بينه الكاتب بل المكان الذي ينتمي له الكاتب وطنياً وثقافياً..الخ - الطيب صالح عاش في بريطانيا لكنه اهتم بقضايا الانسان ابن جلدته ولو أنه أخذ منحنى آخر في تجليات المفارقات الانسانية ما بين الانسان الغربي والسوداني في رواية موسم الهجرة إلى الشمال وهي ما تمثل حالة موازية أو متشابهة لفكرية ادورد سعيد في (الاستشراق)، الحال كذلك ينطبق عند (الحبيب السالمي) في إحالة روايته (روائح ماري كلير) إلى (موسم الهجرة إلى الشمال) من حيث المفارقات الإنسانية ما بين الانسان الغربي والتونسي، لكنها جميعها تخرج عن دائرة التصور خارج حيز الصندوق أو خارج ما يعرف (بالتصور العلمي) وهنا بالتحديد يتبادر إلى ذهننا سؤال مهم: ماذا أضافت المؤسسة التعليمية في العالم الثالث للعلم أو ماذا أضاف الطلاب الذين تخرجوا من جامعات ومعاهد هذا العالم المتأخر!؟ أي بصورة أوضح ماهي الاكتشافات العلمية في الطب والفيزياء والكون..الخ التي أضافوها للعلم!؟ إن كل العملية العلمية في العالم الثالث تستند على ما يخرج من مراكز الابحاث العلمية في (العالم المتمدن).

يقول نغوغي وا ثيونغو (الكُتاب والمفكرين حيوانات سياسية حتى وإن احتجوا أنهم يقبعون في ملكوت الأفكار النقية) ويقول عبد الرحمن منيف (حتى اللاسياسة هي سياسة) ، فالواضح من هذا الرأي أن السياسة تشكل محور لمضامين الكتابة في تصورها الخطابي - لكن في الصورة العامة للأدب قد لا نجد هذا الرأي ينطبق على كل الآداب فهناك أعمال فاض بها التصور لتجعل العملية الأدبية تحمل علاقات مع العلوم الأخرى غير السياسية مثل علم النفس الذي يتجلى لنا في رواية (الجريمة والعقاب) إلى ديستوفسكي حيث يقول فرويد في ذلك: لم أفهم علم النفس الا بعد أن قرأت رواية الجريمه والعقاب لديستوفسكي. والتي مفادها أن شخص أرتكب جريمه قتل ولم يراه أحد، ومع مرور الأيام مر بمرحلة تأنيب الضمير التي كانت تراوده وحاول النسيان ولم يستطع لذلك. ويوم بعد يوم.. حتى وجد نفسه أمام مخفر البوليس معترفأ بجريمته. هذا الاعتراف هو ما يدل على عذاب الضمير لبطل الرواية.
كذلك علم الدين المقارن، القانون عند أجاثا كريستي، الخيال العلمي عند هربرت جورج ويلز الذي يتشابك فيه الأدب مع التكنلوجيا الحديثة، بل هي جميعها متداخلات علمية تشكلت في أدب الرواية. وهنا ما يتأكد لنا أن إنتماء الكاتب للمكان أو تجربة الكاتب الخاصة في الحياة هي ما تصنع فكريته صنعته الأدبية.

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي