loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

( أدب الرحلات تعريفات ورؤى )

breakLine

 

نوار الشاطر || كاتبة سورية

يعتبر أدب الرحلات من الفنون النثرية المميزة التي تجمع بين الأدب والجغرافية والتاريخ ، والذي يرصد جوانب ثقافية وإنسانية واجتماعية وسياسية في حياة الشعوب ، ينقلها إلينا الكاتب الرّحال الذي تجول في البلاد.
تتعدد أنواع الرحلات فمنها العلمية والتجارية والذاتية والاستشفائية وهناك رحلات بغرض المغامرة والاستكشاف، ويعد ابن بطوطة أمير الرحالين المسلمين حيث تحدث في كتابه " تُحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار "بالتفاصيل عن المدن التي زارها خلال ٣٠ عاماً من رحلاته، واصفاً أهلها وحكامها وعلمها بمافي ذلك الملابس والأطعمة وطريقة صناعتها .
وسافر البيروني إلى جنوب آسيا وكتب دراسة عن الثقافة الهندية "تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرزولة " بعد استكشاف الهندوسية الممارسة في الهند ولذلك لُقب بـ"مؤسس الهنديات أو علم الهند". 
كما كان معروفًا بكتاباته الموضوعية عن عادات وعقائد العديد من الأمم
وما قدمه يُعتبر نموذجًا فذًّا ، إذ يُعد كتابه وثيقة تاريخية هامة تجاوزت الدراسة الجغرافية والتاريخية إلى دراسة ثقافات مجتمعات الهند قديمًا، ممثلة في لغاتها وعقائدها، وعاداتها، مع عناية خاصة باللغة السنسكريتية.
وقد يكون الدافع للرحلة سياسياً بأمر من الحاكم لغرض معين، وتسمى الرحلة السّفارية كرحلة سلام الترجمان إلى حصون جبال القوقاز عام 227 هـ، بتكليف من الخليفة العباسي الواثق، للبحث عن سدّ يأجوج ومأجوج، وقد روى الجغرافي ابن خُرْدَإذْبـُهْ (ت 272 هـ) أخبار هذه الرحلة.
ورحلة السفير المغربي أحمد بن المهدي الغزال كتاب " الإجتهاد في المهادنة والجهاد" ، بعد رحلته لإسبانيا وروى فيه ما شاهده من آثار الأندلس.
أما الرحلات الحجازية فكانت  توصيفاً للمشاعر المقدسة، والأماكن وطريق الحج ومناسك الحج. والملاحظ أن أدب رحلات الحج خالٍ من المبالغة والأهواء والدوافع
الإيديولوجية والخيال المفرط،ويعد وثيقة تاريخية ثرية ومهمة .
ومن كُتّابه أول رحّال صيني مسلم يدعى (روح الدين ما فا جو) الذي وصف المسارات البحرية من بلده الصين حتى الجزيرة العربية في رحلته التي استغرقت سنتين بداية من عام 1841م.
كما وثق المؤلف والمخرج الأمريكي “مايكل وولف” كتب الرحالة الغربيين عن الحج  في كتاب  " ألف طريق إلى مكة" " One Thousand Roads to Mecca" ، قدم فيه رحلات مختلفة امتدت على مدار قرون من الزمان، خاصة من ذوي التأثير في التاريخ والفكر الإنساني، مثل: محمد أسد ومالكوم إكس .
وللنساء الرّحلات نصيب في رحلات الحج حيث دونت الأميرة الهندية المسلمة بلغتها الأردية أحداث رحلتها إلى مكة وطيبة وهي أميرة ولاية بهوبال الهندية عام 1786م تدعى النواب (سكندر بيكم) وترجم إلى اللغتين الإنجليزية والعربية، وآخر دونته ابنتها المسلمة (شاه جهان بيكم).
كما أن الخيال دخل إلى أدب الرحلات 
عن طريق الرّحلات الخياليّة الذّهنيّة التي يقوم بها المُتصوِّفة، فيصعدون في أثنائها إلى عالم سماويّ ينشدون فيه القرب والوصال والسّلام ،فتكون الرحلة هنا رحلة روحية وإبحار للذات في عوالم روحية خارج الإدراك السطحي الفيزيقي ، واكتشاف الروح  للغيبيات ودخولها في عالم الحضور أو الشهادة وكشف للحجب في ماورائيات هذا العالم المادي .
وقد افرد المتصوفة مؤلفات خاصة لذلك، "كالطوسي" في  "باب السفر" من "اللمع"،  وكأبي طالب المكي في "باب نعت المحبين من المريدين، وفي نعت السائحين من المريدين"، وفي: "الفصل الثاني
والأربعين في حكم المسافر والمقاد في الأسفار"كم "قوت القلوب"، وكالقشيري في "باب أحكامهم السفر" من "الرسالة"، والغزالي في "كتاب آداب السفر" من "إحياء علوم الدين"، والسهر وردي في "باب اختلاف أحوال مشايخهم في السفر والمقام" من "عوارف المعارف"،  وغيرهم كثير.
أيضاً للرحلات حظ في القصص الخيالية الشعبية مثل رحلة  السندباد الذي يُعد رمزاً للرحالة المدمن للرحلة، والقصص الأدبية مثل قصة ابن طفيل عن حي بن يقظان، ورسالة الغفران لأبى العلاء المعرى والملاحم الشعرية والأدبية الكبرى في تاريخ الإنسانية تعد كذلك من أدب الرحلات، مثل: ملحمة الأوديسا الإغريقية. وملحمة جلجامش البابلية، وملحمة أبو زيد الهلالي العربية وغيرها لأن البطل فيها يسافر ويرتحل ويصور المشاهد الذي يعيشها في رحلته .
ونذكر أخيراً الرحالة الأوربيون من أمثال ماندفيل وماركو بولو وتوماس إدوارد لورنس وهارن جون فيلبي ووليام جون فيلبي ووليام بالجريف وتشارلز داوتي وآخرين الذين كتبوا عن رحلاتهم إلى الشرق وعن ذلك كتب الناقد إدوارد سعيد كتابه  " الاستشراق" ،حيث يرى بأنّ قصص الرحلاتِ الغربية حول الشرقِ كانتْ جزءاً من استشراق حرض على الاستعمار، كما أنه وُظـِّف أدب الرحلات في الحقول المعرفيّة المختلفة لتحليل الخطاب الغربي ،وكشف الطرائق التي سلكها الأوروبيّون في رؤيتهم وتصويرهم للأجناس «الأخرى» في الشرق.
نلاحظ تراجع أدب الرّحلات بسبب طبيعة الحياة الحالية التي جعلت السفر متاحاً وسهلاً دون المرور بعنصر المغامرة والاستكشاف .
ولكن هناك محاولات لابقاء هذا النوع من الآداب في الواجهة عن طريق الجوائز وأبرزها جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة و هي جائزة أدبية، تمنح سنويا منذ سنة 2003 ويقدم الجائزة سنويا (المركز العربي للأدب الجغرافي - ارتياد الآفاق) في أبوظبي ولندن "لأفضل الأعمال المحققة والمكتوبة في أدب الرحلة". وذلك بهدف تشجيع أعمال التحقيق والتأليف والبحث في أدب السفر والرحلات.

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي