loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

ثُنائيةُ الأرّز والسلام نستالوجيا الأوطان الباسقة

breakLine

د.علي موسى الموسوي/ كاتب عراقي

 


يُقالُ ان لكلِ ارّزةٍ فاتنة في لبنان حكاياتها التي لا تنضب وهوائها الذي يلامس الارواح المُتعبة ليجعلها تشعر بالصبا والاطمئنان في كلِ لحظة، "لبنان" الارزّة الحسناء التي تتمدد باغصانها الخضر على مدار البلاد حتى باتت تُعرف ببلاد الأرز نظرا للدور الذي لعبه الأرز في تاريخها، وفي التراث المحلي وثقافات الشرق الأدنى القديم، حيث أصبحت الأرزة رمز لبنان وتتوسط علمه، وتتميّز جذور الأرز اللبناني بضخامتها الملحوظة واستقامتها وهي تتحمّل ضغط الحمولات والأثقال وتقاوم الإهتراء والأمراض والعفن، لذلك واكب الأرز الحضارات العالمية منذ القدم لغاية اليوم، ولقد ورد ذكر الأرز كرمز للصلابة والديمومة والقوة في الكتب المقدسة وفي نصوص قديمة أخرى بالكتابات "المسمارية" و"الهيروغليفية".. الأمر الذي يعكس أهميته التاريخية بالنسبة للشعوب القديمة فلقد بدأ استثمار خشب الأرز بشكل مكثّف منذ الالف الثالث ق.م. في التجارة والطقوس الدينية واستخدمهُ الفينيقيون في صناعة سفنهم التي أبحروا فيها وجابوا العالم حاملين معهم بضائعهم وصناعاتهم الفاخرة والمميزة ونقلوا هذا الخشب معهم أينما توجّهت مراكبهم، وبنوا بخشبه أماكن العبادة والسفن والجسور.
ولقد كان يصدّر بكثافة الى مصر ويشكل جزءا من الجزية التي كانت المدن الفينيقية تدفعها عبر العصور المتعاقبة الى غزاتها الاشوريين والبابليين والفرس، وايضاً قدّست الشعوب القديمة الأرز واعتبرته طارد الأرواح الشّريرة ويجلب البركة ويشفي من الأمراض ويقضي على الأوبئة، واستعمل الفراعنة المادة السائلة CEDARIA التي يحتويها الأرز في عملية تحنيط موتاهم.
اما قدسيته المذكورة فقد بَنى سليمان هيكل "أورشليم" من خشب الأرز وبات على ألسنة الشعراء وكاتبي المزامير وأسفار التوراة منذ ذلك الحين كونه رمزًا للصّمود والجمال.
كما  تفاخر ملوك ما بين النهرين وأبرزهم الملك الأشوري "سنحاريب" والبابلي "نبوخذ نصر" لقطعهم أشجار الأرز المُحتلة وكذلك الرومان، فلقد استخدموا خشب الأرز في صناعة أثاث بيوتهم ومذابحهم وكان مصدر تباهٍ عندهم، ومع بزوغ فجر المسيحية، استمرّ استعمال خشب الأرز في بناء المذابح ونحت تماثيل القدّيسين وصنع الأواني المقدّسة والصّلبان وتشييد الكنائس، أشهرها  كنيسة القبر المقدّس في أورشليم وكنيسة المهد في مدينة بيت لحم، اضافة لكنيسة صور التي بنيت في العام 75 والتي صلّى فيها القديس بولس، وايضاً كنيسة القديسة مريم الملكية في أورشليم، وكنيسة القديس بولس في روما ونظرا لأهميتها، عمد الامبراطور الروماني "هادريانوس" الى اتخاذ تدابير من شأنها حماية عدد من اصناف الاشجار التي كانت تنمو في جبال لبنان واوكل الى عدد من فرق المساحة بتحديد الاحراج والغابات بهدف تحديد الاصناف التي كان قطعها ممنوعا والتي تعتبر بمثابة محمية امبراطورية ومن بينها الارز والصنوبر والعرعر والسنديان.
ومع مرور الزمن أخذت الغابات تتعرّى تدريجيا من غطائها الأخضر، خصوصا في القرن التاسع عشر حيث استهلكت الغابات بشكل واسع خصوصا وأن أخشاب الأرز  قد استُخدمت لمدّ خط سكة الحديد التي أنشأها الجيش البريطاني في الحرب العالمية الأولى، اما اليوم فلم يعد لبنان يحتفظ الا بعدد محدود من اشجار الارز المبعثرة في ارجائه وهي تنمو على ارتفاعات تتراوح بين 1500 و2000 م. ومن اجل الحفاظ على هذه الثروة الحزينة تقام حملات بيئية لغرس اعداد كبيرة من غرسات الارز الصغيرة، ولاجلِ حماية غابات الأرز تم انشاء المحميات الطبيعية التي توفر ايضا فرصة التعرف على أسرار غابات الأرز والاستمتاع بمشاهدها الخلّابة.

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي