loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

العنف ضد المرأة العربية واتجاهات التغيير

breakLine


د.داليدا البيطار / باحثة اجتماعية وقانونية لبنانية

 

 

لا يزال الكلام حول العنف ضد المرأة في المجتمعات العربية صعباً جداً ، فهو إلى كونه مدرجاً في خانة الخصوصيات العائلية ، المحاطة بالعادات والتقاليد ، يستفز في الآن نفسه الثقافة الأبوية في المجتمع ، وأشكالاً متنوعة لما يسمّى بالخصوصيات الثقافية ، “حتى أصبح مجرد الحديث عنه في مجتمعاتنا العربية يثير مقاومة “ . ويشير تقرير التنمية العربية الإنسانية الثالث إلى أن ذلك عائد إلى " أن الدراسات الكشفية التي تمكن من رصد مظاهر العنف عبر المجتمعات العربية لا تزال في بداياتها» .

ويتفق معظم الباحثين العرب ( هشام شرابي ، مصطفى حجازي ، وغيرهم كثر ) إلى أن تجذر الثقافة الذكورية في مجتمعاتنا العربية لا تزال تقف سداً منيعاً في وجه أي اجتهاد أو تجديد في نظام القيم الذي يرعى حياتنا الاجتماعية ، واستقرار هذه السلطة الأبوية ملازم للركود الذي يخيّم على مجتماعاتنا العربية
فالثقافة الأبوية " ليست العقل ، بل العقل المقفل “، العقل المغلق تغلق الباب في وجه التساؤل والبحث والفكر.
هذا ما أكدّه التقرير الأول للتنمية العربية الإنسانية حول مجتمعاتنا العربية, حيث وضع النقص في تمكين المرأة وتحسين موقعها في المجتمع على قدم المساواة مع النقص في الحرية ، والنقص في إنتاج المعرفة ، وجعل العناصر الثلاثة متساوية الأهمية في عمليات التنمية والنهوض .
وفي فصل هام عن وضعية المرأة في المجتمعات العربية يرى د . مصطفى حجازي أن المرأة " هي أفصح الأمثلة على وضعية القهر بكل أوجهها ودينامياتها وفي دفاعاتها في المجتمع ويصف حجازي الوجوه التي تتخذها وضعية القهر في استلابات ثلاثة تقع على المرأة بقدر متفاوت في حدّته وحسب درجة تطور المجتمع المحلي الذي تعيش فيه المرأة . هذه الإستلابات هي : " الإستلاب الاقتصادي ، الإستلاب الجنسي ، والإستلاب المعتقدي “ .

ویرى حجازي أن استغلال المرأة من خلال هذه الإستلابات لا يتمّ بشكل مباشر ، بل هو بحاجة ككل اعتداء الى تحويله كما يقول بيار بورديو الى عنف رمزي اي طمس طابعه الاستغلالي من خلال احاطة المرأة بمجموعة من الأساطير تجعله يبدو مشروعًا وحتى طبيعياً. .
هكذا يتحول العنف في بعض الأحيان من عنف ظاهر الى عنف مستتر هو العنف الرمزي ، كما يسمّيه بوردیو ، " عنف هادئ ، لا مرئي ، لا محسوس حتى بالنسبة لضحاياه ". ويتمثل هذا العنف في أن تشترك الضحية وجلادها بالتصورات نفسها عن العالم ومستويات الحياة الإجتماعية والإقتصادية والجنسية والثقافية ، ومعاً يعتبران ( الضحية والجلّاد) " الهيمنة “ من المسلّمات . فالعنف الرمزي ، هو الذي " يفرض المسلّمات ويقدمها كثوابت لا يمكن تغييرها ".
هكذا تصبح الخطوة الأولى لمناهضة العنف , هي كما يقول تقرير التنمية العربية الإنسانية الرابع الخاص بنهوض المرأة العربية ، "محاربة إخفائه وفضحه ، وشق غلاف الصمت المضروب حوله ، سواء مورس في المكان العام أو المكان الخاص" .
" لكن الكلام عن العنف في المجتمعات العربية لا يعني غيابه عن باقي مناطق العالم "، فهو مشكلة عالمية دفعت الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى أن تأخذ زمام المبادرة وتقرر إعداد دراسة متعمقة بشأن جميع أشكال ومظاهر العنف ضد المرأة في العالم .
وقد أكد کمال درويش المدير العام لبرنامج الامم المتحدة الإنمائي في اليوم العالمي لإزالة العنف ضد المرأة أنه "يصعب تقدير مدى انتشار العنف ضد النساء" لأنه لا يبلّغ عنه في أحيان كثيرة ، وتقدر منظمة الصحة العالمية أن ربع النساء في العالم يتعرضن للاغتصاب أو الضرب أو ممارسة الجنس قسراً خلال حياتهن ، ولا يستطيع أي بلد أن يدعى خّلوه من العنف المنزلي ، إذ يتجاوز حدود الثقافة والطبقة والتعليم والدخل والعرق والعمر ... ) .

إذن لا يمكن مناهضة العنف ضد المرأة الا بالعمل المتوازي للدولة ومؤسساتها الرسميّة والمجتمع المدني والهيئات النسائية ، عبر مساراً متلازماً في اتجاهات عديدة : إتجاه انتاج المعرفة لدى المجتمع للتعرّف على العنف وأشكاله وأسبابه .
إتجاه إلغاء التمييز ضد المرأة في القانون عبر تفعيل القوانين المتعلقة بالمرأة واستحداث قوانين جديدة لحماية المرأة والمدافعين عنها .
وإذا كانت هذه هي الإتجاهات المتلازمة والمتقاطعة عن تحرير الساحة الموضوعية التي تتحرك فيها النساء ، فإن جهداً آخر لا يقل أهمية يجب أن يبذل من أجل تحرير المساحة الثقافية والاجتماعية في كل العناصر التي تعيد إنتاج الثقافة الذكورية كهوية اجتماعية وتركيبة ايديولوجية الذي إشترك في إنتاجها وترسيخها الكثير من أهل الفكر والمجتمع والأدب , عكستها المناهج التعليمية والوسائل الإعلامية كما اشتركت المرأة نفسها فيها !
وأن أي تحرير يبدأ بالإضافة الى ما سبق هو تحرير المرأة من الصور الدونية لنفسها, لأن عدو المرأة هو المرأة نفسها !

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي