loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

البورتريهات الديستوبية لشخوص نوال السعدون

breakLine

 

 

السعيد عبدالغني/ كاتب مصري

 
 
البورتريه هو شكل فني قديم للغاية يعود على الأقل إلى مصر القديمة ، حيث ازدهر منذ حوالي 5000 عام. قبل اختراع التصوير الفوتوغرافي ، كانت الصورة المرسومة أو المنحوتة أو المرسومة هي الطريقة الوحيدة لتسجيل مظهر شخص ما.
الشكل ابن موجود، الملامح المغطاه على كل مَن نرى، تؤثر في اللاوعي الملامحي وخطف أن هذا إنسان أو تفسخاته. 
وهناك أشكال كثيرة للبورتريه :
1.  الناسخ للملامح بشكل حاد وصرفي 
2.   الناسخ للملامح مع تحريك بسيط أو تحريك قوي
3.  الذي يخلق في الوجه خَيله وهذا أغلب ما ترسمه الفنانة العراقية نوال السعدون ففضاء المخَيّل أوسع وأفرد لديها.

المرحلة الآنية الجمالية للمتلقي العربي

 
المرحلة الآنية التي يمر بها أغلب المتلقين العرب هي مرحلة بدائية جدا لصيرورة الشكل، فقد تكون لوحة تجريدية بورتريه، لكن التحديد الشكلي هذا، التحديد ابن ثقافة تعيينية لا تريد مساحة للمخيلة أن تظهر لعلل كثيرة منها الخوف من تسييد التحريك للثابت الذي يدركه فورا وبلا أي نقص وهو الملامح البشرية.
"لا يجب بالضرورة أن تكون الصورة الذاتية تمثيلية - يمكن أيضًا تصنيف التصوير التجريدي أو الرمزي من قبل فنان لنفسه على أنه صورة ذاتية. يمكن أيضًا أن تكون الصورة الذاتية بأي وسيلة.
يُدرج الفنانون أحيانًا صورًا لأنفسهم في صور جماعية أكبر؛ أو قد تتضمن صورة ذاتية في نوع آخر من التكوين - مثل منظر طبيعي أو عمل سردي أو وثائقي."[1]
التوق الجمالي هذا في عالم الفنان يختلف عن التوق الجمالي في عالم المتلقي الذي بلا ثقافة لونية أو تشكيلية أو معرفية.
يعزى الأمر الاستهجان إلى قلة الاطلاع على الثورات التشكيلية الحديثة أو الواقعية المتحجرة أن الفن مرتبط بشكل واحد ولا أقصد النقد الموضوعي للعمل الفني بل إخراجه من الفن من الأصل لدى الكثير أو الايعاز بالوحشية أو الديستوبيا كمفاهيم في الثقافة العامة ممَرّضَة وليست ثمرة خلاقية.

البورتريه كتوق تكويني

يتوق الفنان من خلال إبداعه إلى تكوين شكل من عظائم مخيلته، ولما كان الفنان مَعنِي بالشكل مثل الشاعر مَعنِي بالكلمة، فيتصور أشكال أخرى له، لها ملكية نفسية أو ملكية حلم وهي اللوحات التي يبدعها.
والبورتريه للشخوص خاصة بالذات الفنية كشكل، الذات الواقعية وتصوراتها عن نفسها. وهذه التصورات التي تمس الذات تدلل عندما تكون متجلية على صراع فلسفي في إشكاليات، تحديد الهوية، شكل الأنا التي يُتكَلَم بها، المتن الفيزيائي له.. إلخ.
"يتيح لنا البورتريه إنشاء عالم يمكننا فيه التعبير عن ذواتنا الماضية ، أو الذوات المكبوتة ، أو الرغبات ، أو أمراض العقل ، أو الاهتمامات الفكرية أو التخيل بأن نكون شخصًا مختلفًا تمامًا عن أنفسنا. يمكن أن تكون الصورة الذاتية المتنكرة بمثابة هروب إلى عالم نمتلك فيه تحكمًا إبداعيًا كاملاً - وليس مفاجئًا في واقع نشعر فيه في كثير من الأحيان بأننا لا نملك سوى القليل من التحكم. نتوق إلى العالم الذي نتمتع فيه بحرية أن نكون أي شخص اخترناه."[2]

الوجه كمفهوم فلسفي

 
الوجه هو فاتحة هذا الكائن الجسدية لذلك التحريك له، تحريك لأول إدراك له، ترسم نوال السعدون الفاتحات تلك مغايرة لونيا وتشكيليا. وهذا الوجه له أشكال كثيرة للوصف فليس انسلاخيا كما في الحضارات القديمة بحمل الوجه ملامح كائنات أخرى وليس هندسيا بطريقة تكعيبية كبيكاسو  بل هو خلو من أشكال الملامح البشرية إلى ملامح كائناتها. 
ولا فرق عندها بين الذات الأنثوية أو الذكورية أو الإلهية أو أي ذات معلنة ومطروحة في الأفق كشكل تجسيدي. فالتماهي حاضر بين الموجودات للتعبير عن بورتريه، في عالما المشّكل المجرّد البعيد.
 
هي يد مشاءه على كل ما تجسد وتجرد تأخذ ما تحب وتجريه في عقلها سواء بشكل واعي أو لاواعي.
 مدركة وواعية ف "كل جرة لفرشاة الرسم ، أو نقرة المصراع  في أي وقت ومكان معينين تعكس قرارًا واعيًا. الفن هو النتيجة العاكسة للوعي."[3] مهما كان الحوي التشكيلي لها لاواعيا فعلى الأقل الإطار المتخيّل قريبا من إرادتها.

الوجه والهوية

 
من الإشكاليات المعرفية والفنية والفلسفية هي الهوية، وكيف يتم التعبير عنها وما هو الذي يجب أن يؤطر.
في الفلسفة كانت ملزمة بكوجيطو أما في الفن فكان ملزمة بكوجيطو  لكل فنان فريد يخلقه لنفسه، قد يكون ذلك في البورتريه أو غيره، لكن الملكية البديهية للفنان كونه يعتمد على جسد في تحديد هذه الهوية إن أراد أو تسخير صراعاته لشكل ما.
البورتريه يتعدى الشكل الصامت الحجري للإنسان وذواته إلى محاول استشفاف وجوده وأكوانه الداخلية "لطالما تم تضمين فن البورتريه في الاعتقاد بأن مظهر الشخص ، أو "علم الفراسة" ، يوفر دليلًا لروحه وشخصيته الداخلية. وقد أدى ذلك إلى فكرة أن التمثيل الفني للشخص يتطلب تشابهًا جسديًا. ومع ذلك ، هذا مفهوم تاريخي - لم نعد نعتقد أنه يمكننا بالضرورة أن نلمع الطبيعة الأساسية للشخص من خلال النظر إليهم وسيكون من المثير للجدل أن نقول إن المظهر الجسدي للشخص يعطي وصفًا كاملاً لوجوده."[4]

المُسمَى المتحجر أو الذي يُظَن كلية دلالته

تختلف الدلالات على حسب أبعاد كثيرة جدا منها الذات المبدعة بأفرعها ومنها التقدم العلمي ومنها الحالة الاقتصادية إلخ، ويُنظَر إلى المسمى وفي حالتنا " البورتريه" على أنه الوجه فوق الكتفين فقط مرسوما، فيظن كلية الدلالة في وقت طفر المفهوم فقط ولا يُظَن أو يُسمَح تحركها أو مغايرتها أو اختلافها بشكل أوسع. 
ومن أشكال ذلك البحث عن متن وأن المتن هو الدليل ليس الإبداع الجديد، فعدم وجود مثال سابق إلى حد ما واضح يؤخذ أن ذلك الإبداع هرطقة وعبث.

أيهما وجهي؟

أيهما وجهي؟ ولكنه سؤال له بُعد زمني، أيهما وجهي الآن؟ والآن هذا متحرك، والذات المبدعة تتعدد وتتكاثر وتتناسل وتتقلص وتنكمش، فتحوي الذوات المختلفة وبالتالي تحوي الوجوه المختلفة.
هل نحن هوية للعالم؟ أم العالم هوية لنا؟أم الآخر هوية للذات؟أم الذت المصنوعة من الآخرين هوية لنفسها؟أم نحن هويات الله والله هوية لنا؟
الهوية ليست في نظرتي مفهوما له بعد تاريخي فقط بل هو منتَج وأقصد هنا الهوية التي يظنها ويحتملها الخلاقين
هوية تاريخية، هوية آنية، الهوية البيولوجية، هوية حركية
 
1.  الهوية التاريخية: البلد، اللغة، وكل لفظة فيهم تضم مدركات ومعطيات شتى وقد أرى أحيانا حزن الحضارة العراقية فيها لكن هذا التاريخ آن فقط كحاضر ليس دوما حاضرا.
2.  الهوية البيولوجية :الجنس، الجينات الخ وهي تحمل ثورة باطنية أنثوية مع قدرة على الحوي النفسي وذك يظهر من خلال هذه الشساعة النفسية في لوحاتها فهي لا تستخدم ديستوبيا فهناك لوحات تتكون من تجريدات فقط مرَمّزة بعناية وهناك تجريدات خالصة.
3.  الهوية الانية: وهي هوية الذات في الآن التي تسأل عن ذاتها فيه. وهي اللحظة المتسعة التي يبدع فيها الشاعر الفنان إلخ. بمزاجيته، بطقوسه، بقبليته، بحدوده، بفاعلية جبرية بعض الأشياء وعدم فعاليتها، لزمن ومشاعر وأفكار ومكان والخ.
4.  الهوية المتحركة : وهي الهوية أقصد بها الخلق بالمعرفة في الذات واكتشاف الذات بالمعرفة، الحفر الوجود، متن التطور والصير وهذا جلي في الاختلاف اللوني وكذلك الشكلي بين أعمالها.
والتعدد الذاتي ليس الأمر معيار الصدق السائد بل هو حالة من حالات الحلول للتغذية الجمالية في الكثير واغتنام المعاني والأفكار والحالات النفسية.

النسيج السعدوني، محاولة للتأويل

تستخدم نوال السعدون مساحة خالية دوما في لوحاتها مع التشكيل المخّيّل الناجز من رأسها وهذه المساحة التخييلية مشاركة في حدوث المعنى للمتلقي، اللون الذي تطليه بها. وهي ألوان متداخلة داكنة ربما لحزن الشرق الذي يطلي روحها وربما لنظرتها للعالم. فكل منتجاتنا اللغوية اللونية، استخدام أنواع الألوان درجاتها، الألفاظ، التسميات الفارغة أو المنعوتة "القناع"، كل ذلك يدلل عليها. هندسة الأكوان الداخلية، فوضويتها، حدودها النفسية. 
الجرح التكويني الذي تفعله على القماش، كأنه مساحة ونسبة متروكة لكل اللامنطقي أن يطفر، وممكن يكون أملا مجسدا لاواعيا.
أو التقزم بأن يكون درب الفرشاة يُقلص شيئا حتى درجة قليلة جدا، مسيطر عليها أحيانا بشكل هندسي، وأحيانا متروكة حدودها مخدوشة من اليد الصاقلة. 
 
 
المراجع:
1.  ART TERM, PORTRAIT
2.  The Philosophy of Self-Portraiture in Contemporary Art HOLLY MARIE ARMISHAW
3.  The Philosophy of Self-Portraiture in Contemporary Art HOLLY MARIE ARMISHAW
4.  LUCY DAHLSEN ON THE PHILOSOPHY OF PORTRAITUR

 

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي