loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

قراءة لرواية "البث التجريبي لجهنم"

breakLine
2022-06-12

يارا عامر/ كاتبة سورية


من تحتِ ركام المدن التي نكبها قصف الحرب؛ تنبت أزهار الحب ..
ومن بين  الغيوم السوداء التي استقرت في رحاب سمائنا لسنواتٍ طويلة؛ يلمع شعاع لشمسِ الأمل..
في هذه البلاد التي استحالت غابة بلا شريعة؛ ما يستحق العيش .
هذه البلاد أصبحت ساحة قتال، دَمَسها الظلام، لمصاصي الدماء من طغاة الأرض الذين لم يفلت من بين أنيابهم الحادة لا بشر ولا شجر ولا حجر ..
على الرغم من ذلك وعلى الرغم من أنَّ هذه البلاد هي فعلاً كما سماها الكاتب
" رواد العوام " ؛ 
( البث التجريبي لجهنم)
هناكَ ما يستحق المقاومة للقاء يوم جديد.
ففي رواية ( البث التجريبي لجهنم)
نعيش الحرب والمآسي والفاجعات وكأننا في قلب الحدث تماماً.
فقد صورَ لنا الكاتب بإسلوبه الشيّق، الأهوال التي حلّت على مناطق الصراع التي كان مطرها رصاصاً، وعواصفها محملة بالغارات والقذائف.
ونقلَ لنا  بسردٍ إبداعيّ مميز صورة المدن والأرياف المنكوبة في الحرب السوريّة، وجشاعة الأطراف المتصارعة، عن طريق عدة أشخاص في سيارة تحاول العبور بهم من أرض الموت، إلى أرض الحياة .
في هذه السيارة الصغيرة التي سنرافقها في طريق رحلتها، يسلط الكاتب الضوء بذكاء على قضايا كبيرة،
وفي هذه الرحلة يخلق حبّاً يعيد النبض والأمل لأفئدة العاشقين التي هشمها رصاص الحرب وترك بها ندوباً تنزف ألماً.
يناقش الكاتب في روايته بموضوعية الثورة التي بدأت مطالبةً بالانعتاق من سلاسل العبودية التي حكم بها طاغية شعبه ﻷكثر من نصف قرن، وشعبه يصفق له ويحييه خوفاً، ولكنها ما لبثت أن تحولت لثورة طائفية تقودها جماعات وفصائل انطلقت من مراكز دينية،
واشتعل فتيل الحرب بين العسكر والفصائل التي أرادت تسليم قيد السلاسل من يد طاغية إلى طاغية آخر.
فهل تلكَ ثورة كرامة ؟!
أم ثورة تهتك الكرامة ؟!
فتطرق الروائي لأمر هام، 《 فإن كان اليوم قائد الثورة المجاهد؛ لصاً وسارق في أمسه وسادي يتلذذ بأذية من حوله؛ ماذا ستكون نتائج هذه الثورة!!
ما هي عاقبة هذا الجهاد  حين يبدأ بانتقام الثوار من بعضهم باقتحام أجساد النساء  ؟!!
حين يستقوي الأكثر ظلماً ونفوذاً على الأكثر ضعفاً ! 》
حرب دنيئة ساهمت بها قوانين العفو التي شملت لصوص الكابلات وقتلة الحيوانات وغيرهم من السارقين والأوغاد، واحتفظت في زنزاناتها بمُعتقلي الرأي والمفكرين ..
وعلى أثرِ ذلك ينقسم أبناء البلد الواحد بين ( مع وضد )
وكلّ منهما يريد حليفاً له لدعمه من الخارج، وللحليف حلفاء آخرون أيضاً..
فيرسو بنا الحال إلى بلد مثكولة، تشظت إلى أشلاء كل جزء منها تحت قبضة ظالم مختلف
وكلٌّ يتفنن في طغيانه وجبروته..
والخاسر الأكبر هو الشعب البسيط، الذي قُتِل على مشانق الفصائل والسياسيين ..
ولكن على الرغم من كل تلك المآسي التي طرحها الكاتب " رواد العوام"، نجد طرافة وظرافة في إسلوبه يجعلنا نبتسم بعدما أوشكنا على الانهيار بكاءً، فالصواريخ فعلاً تدمر المدن وبنيتها التحتية حتى،  لكنها عاجزة عن حذف خلاف من عشرات السنين يعشش في ذاكرة رجل مسن وزوجته ..
يعيد الكاتب لنا الأمل، عن طريق قصة الحب بتفاصيلها الرومانسية الممزوجة بنكهة التشرد ودخان الحرب
فكلّ منا سيجد شمساً له، ربما في ظرف غير متوَقع، وصدفة غريبة قد تعيدنا حيث بدأنا ..!
فهل القدر الذي أعاد العاشقين إلى المدينة العائمة على بحر الدم والموت؛ سيكلل حبهما بالاستمرار ، أم الخذلان مجدداً ؟!
سلامٌ للبلاد التي تمَّ بيع أرضها وحضارتها بتوقيع على ورقة في مصنف أصفر..
سلام لأفراد الشعب الذين زُجَّ بهم في ساحة الحرب؛ كدمى يحركها قادة  يصافحون بعضهم في القصور..
شعبٌ تشرد وذُبح وتألم وخسر وجاع ..
شعب قوته الوحيد اليوم هو " الحب"
فالحب هو أكثر ما يستحق العيش والمقاومة ، وهو ما يدفعنا للتمسك بخيط الأمل في مناجم الموت..
ولكن تُرى من الأقوى؛ الحب أم الحرب ؟!

 

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي