مقالات ادبية واجتماعية وفنية
* (العاشرة بتوقيت واشنطن ) للروائي باسم القطراني
علي سمير باني / كاتب عراقي
بعد الفراغ من قراءة النص تزاحمت الأسئلة في دهاليز فكري وهي تنط كالقطط النافرة ! لماذا أقحم الكاتب شخصية حقيقية منتزعة من الواقع في نص روائي كشخصية ( كامل ضاحي ) ؟ ولماذا حول مشغلة السردي إلى مختبر كيميائي ؟ فتمتزج فيه الثنائيات ، كالحقيقي بالمتخيل ، والحلم بالواقع ، والجن مع الأنس بنسب غير متجانسة لينتج خليطا ً يخالف السائد في السرد ، ربما يستغرب البعض حين لا يجد جوابا ً رغم قراءته المتكررة للنص ، ولن يجده ما لم يقرأ بين السطور . سأبدأ بفك الشيفرة للنص وأتناول الثيمة الرئيسية وهي عبارة عن فكرة مجنونة ! سرعان ما يتنصل الكاتب عنها فيعصبها برقبة كاتب متخيل . مجموعة من القطط ذات العيون الزرقاء تحاول تغيير العالم بمساعدة شخصية حقيقية من خلال سرقة شيفرة حقيبة الرئيس الامريكي النووية ( سنصل الى اللحظة الرهيبة التي سيتمكن فيها واحد من أقرب الأشخاص اليه من اطلاق صواريخ نووية باتجاه اهداف محددة في دولة اخرى ) ص 66 وبالتالي نشوب حرب كونية ثالثة تسقط جراءها القوى العظمى . ولكي تكون الحبكة مقنعة ولتفعيل عنصر الدهشة ينتدب لهذه المهمة شخصيات غير تقليدية أغلبهم من القطط المتحولين باستثناء الشخصية الواقعية ( كامل ضاحي ) .
تتداخل الأحداث ، وتتمرد الشخصيات ، وتتغير المسارات التي رسمها الكاتب ليعلن انسحابه في نهاية الفصل التاسع ( شخصيا ً أنا توقفت عن كتابة الرواية وقد ابلغت الجميع بذلك ) ص 46 وفي بداية الفصل العاشر نلاحظ استمرار السرد عن طريق راوٍ متخيل أكثر حنكة وصرامة من الكاتب يتعاطى بثقة مع الأحداث ، ويتعامل بحزم مع الشخصيات التي تؤدي أدوارها بطاعة عمياء عدا ( كامل ضاحي ) الذي ينسحب رغم تهديده لإدراكه نتائج هذا المخطط فيستعاض عنه بشخصية متخيلة أيضا ً . بعد تجريد النص من الواقعي والحقيقي أزيلت الاسباب التي تحول واتمام الفكرة ، تسير الأحداث كما مخطط لها تماما ً ولكن في العاشرة بتوقيت واشنطن وهو الوقت المتوقع لتغير نظام القوى في العالم ، يكسر الكاتب أفق التوقع لدى القارئ فتمحى يد الضابط الموكل بتنفيذ المهمة ، ويمحى الكاتب وتستمر عملية المحو لتشمل جميع الشخصيات مع المشغل السردي وهذا المحو نوه له الكاتب في عتبة النص ( في عالم يضج بال لامعقول من المعقول جدا ً أن لا تكتب بالقلم الرصاص ) وهذا الانسجام بين العتبة والمتن الروائي أسهم بتكثيف الدلالة ، ( والممحات الفاعلة التي سحقت الحروف والارقام بلحظات ) ترمز ليد الغيب التي شاءت تغليب جهة على أخرى ولن يتغير هذا الواقع ولو أجتمع الجن والأنس والحقيقة والخيال والواقعي والافتراضي . ويختم الكاتب روايته باستهلال جديد ( الساعة العاشرة وعشر دقائق ثمة أصوات تقض مضاجع هذا العالم تشبه نقرا على نافذة قديمة ، اووووه ، استهلال ساذج شطب ، شطب .. ) ص89 فالنهاية تبقى مفتوحة على بدايات غامضة ومجهولة ، وهذه رسالة النص التي وفق الكاتب بإيصالها للمتلقي بلغة رشيقة وممتعة ، وأسلوب حداثوي مسجل باسمه وهذا ما يحسب له فقد وجدناه مبدعا ً خلاقاً لا يشبه غير نفسه في روايته البكر ( متحف منتصف الليل ) فشخصياته المتمردة هي من يرسم مسارات الأحداث وهذه الإشتغالات غير موجودة في أي نص آخر على مستوى الشكل ، وحتى المضمون غير مستهلك ولم يتناوله كاتب آخر .
...........................
الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-
او تحميل تطبيق نخيل
للأندرويد على الرابط التالي
لاجهزة الايفون
او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي