الأسئلة المعرفية للأخلاق البيئية

الأسئلة المعرفية للأخلاق البيئية

د.رحيم الساعدي || كاتب وباحث عراقي

برزت الأخلاقيات التطبيقية بشكل خاص في الطب والبيئة والاقتصاد والتكنولوجيا والإعلام والفضاء، وإذا كثفنا تصوراتنا فالقضية تتعلق بالارتباطات أو الأسئلة أو التنظيرات التي تتعلق بهذه الأخلاقيات المذكورة وأيضا أهم المشاكل والحاجات الإنسانية المواكبة لهذه التصنيفات.
فأخلاقيات الطب والأحياء مثلا أو كما توصف بالبيوتيقية، تعمل على توظيف وتحليل وتفسير ومقارنة وتأويل وافتراض العديد من الأسئلة المتعلقة بالطب واخلاقياته، فالجينات الوراثية والقتل الرحيم وأبحاث الخلايا الجذعية وتأجير الأرحام والحيامن والهندسة الوراثية والاستنساخ البشري وغيرها من الأفكار، تعد المادة الأساسية في الأخلاق التطبيقية في المجال البيوتيقي، وهكذا يمكن القياس على الجوانب الأخرى في القانون والبيئة والتكنولوجيا والأعلام والاقتصاد وسواه.
ان ما يميز السؤال في الاخلاق التطبيقية انه يثير إشكالية يمكن الإجابة عليها وفق القواعد الفكرية او الفلسفية، وما استعراض حلول ذلك السؤال الا الية يمكن تقديمها لحل أزمات واقعية او مستقبلية ومن زاوية أخلاقية وعلمية. 
والأخلاقيات البيئية هي دراسة العلاقات الأخلاقية بين البشر والبيئة الطبيعية، بما في ذلك من غير البشر الذين يسكنون او يؤلفون تلك البيئة، ومن الأسئلة الأساسية للأخلاقيات البيئية يبرز سؤال حول علاقة البيئة بالأخلاق والطريقة الصحيحة لفهم العلاقة بين البشر والبيئة الطبيعية وأيضا سؤال عن ماهية القيم التي تكون جزءًا من هذه العلاقة أو تخرج منها؟ وما هي مبادئ وقواعد العمل التي تبررها تلك القيم وماذا تنص هذه المبادئ والقواعد فيما يخص تفاعل البشر مع البيئة الطبيعية ومعالجتها (مع الأفراد من غير البشر الذين يسكنونها) والعيش بشكل أكثر عمومية    .
واحد اهم الاسئلة هو كيف يمكن ان نجعل من البيئة والطبيعة منطلقا لتأسيس القيم الأخلاقية وهل نعلم ان الانسان هو منبع القيم؟ وكيف يمكن ان تكون للمادة قيم بعيدة عن الانسان وهل المعايير القيمية تنطلق من الموضوع نحو الذات   .
وهل تعد أخلاقيات البيئة عملا جادا؟ له دور في حل إشكالية البيئة؟ وهل يمكن فهم الحكمة الكونية في تداخل النظم البيئية وتعقدها الداخلي كمرحلة سابقة على التحكم في هذه النظم على الشكل الكامل الذي لا يؤدى لحدوث كوارث بيئية؟ هل هي أخلاق للبيئة أم علم جمال أم سياسة أم فلسفة شاملة تتأسس بمنظور بيئي؟ وما هو دوري كفرد في مواجهة التحديات البيئية؟ وهل ان الالتزام بأخلاقيات بيئية كفيل بحل المشكلة   .
ومن أسئلة الاخلاقيات البيئة ايضا السؤال عن موارد البيئة ونفادها والطريقة التي نستغل بها تلك الموارد؟ وإذا علمنا ما ينتظر تلك الموارد من نضوب هل نعطي الأولوية للتنمية الاقتصادية فنستمر في استغلالها بشكل مكثف أم نعطي الأولوية للحفاظ على موارد البيئة وحمايتها من الاستغلال المفرط ولو على حساب التنمية الاقتصادية؟ وما هو الإنسان الجديد الذي تبشر به الفلسفة البيئية؟ وما هي أهم التيارات البيئية التي تجري حوارا حول المعضلات البيئية الأساسية؟   .
ولا ينحصر الفكر البيئي المعاصر في الدفاع عن قضايا البيئة والموارد والقرارات الأخلاقية والقانونية لحماية البيئة والحيلولة دون تدهورها، بل أيضا للتعبير عن فلسفة جديدة تتصور الإنسان في إطار وضع اجتماعي وثقافي وبيئي متأزم، وتحاول أن تقدم رؤية جديدة للإنسان في علاقته بمحيطه البيئي ومن تساؤلات الفلاسفة المهتمين بقضايا البيئة وعلاقة البشر بالطبيعة نجد  :

1-  هل البشر وحدهم من يملك قيمة أخلاقية أصلية في الكون أم يمكن اعتبار أن الطبيعة والنباتات والحيوانات تمتلك بدورها قيمتها الخاصة باستقلال عن نفعها للبشر؟ .
2-  هل مسؤولياتنا والتزاماتنا الأخلاقية هي التزامات نحو الآخرين من البشر فقط أم تتعداهم لمختلف الأنظمة البيئية الأخرى؟ .
3-  هل على البشر مسؤوليات تجاه الأجيال القادمة أيضا؟ وبناء على هذا، هل يجوز تدمير الأنظمة البيئية المختلفة بحجة التقدم التقني وتحقيق الرفاهية للإنسان؟ .
أيضا هناك أسئلة من قبيل هل التزاماتنا الخلقية تجاوزت بني البشر لتشمل الطبيعة بما تحويه من كائنات حية حيوانا كان ام نباتا والى أي مدى حررتنا الاختراعات التقنية وهل يجوز اخلاقيا السيطرة على ما هو غير بشري، فهذه بمجملها أسئلة حيوية تعد خارطة عمل لفهم الاخلاق التطبيقية من زاوية البيئة والأخلاق.