loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

(  جدلُ اللغة )

breakLine

مقاربة قرائية في رواية قياموت للروائي نصيف فلك. 

 

د. عمّار المسعودي || كاتب عراقي

 

 

 لايخفى ماللغة من دور حاسم في عملية الابداع كونها الوسيط الحي والمشترك المداخل الذوات المقصودة في كنه الخطاب أو جوهره. لذا من غير المعقول ألاَّ يرافق هذه الشفرة  / الوجود جدلٌ يكون أسَّا ً للابداع أو النشاط والفاعل مرة ً أو للخامل والسابت مرة أخرى. 

 ليس المجال متسعا هنا للخوض في جدلية اللفظ والمعنى لكن سنعرج على هذا الأمر  قدر َ تعلقه بنافذة دخولنا للثيمة الأساس. قد يمكن لي من خلال السياق الذي قادني لهذه القراءة القول ُ بأنه كلما تعالى  المعنى أو الغرض اندحرت اللغة لذا نجد غياب المعنى المادي المادي السياسي النفعي مما 

أعلى من شأن اللغة عند الصوفيين ، بينما تُعدُّ  المعاني في الحماسات ألمروٍّجة ِ لأيِّ  سلطة دينية سياسية اجتماعية هي الغالبة مع تراجع ٍ واضح لتألق اللغة. 

 من هذا الاستهلال الذي يمكن له أن يوصلني للدخول في ثيمة خطابي هذا وهو البحث عن مكنونات رواية ،، قياموت،،

بعدِّها مدوَّنة ادانة ضد مجاميع الانتهاكات التي تعرض لها الانسان العراقي منذ نظام،، نغولة العقيدة،، اللقب الذي اعتمده 

وصفا ً لاستبداد البعث وحتى مجموعات الثقوب السود التي اعتمدها وصفا ً لحقبة الطائفية القذرة التي أفلتتْ فكرة َ أي حلم ٍ لقيام دولة نرضاها. 

  للغة ِ في هذا المسرد الروائي مستويات متراتبة حسب السياق الذي يدفع لاستعمالها متألقة ً معبرة ً عن تغلغل أنساقها البلاغية العالية داخل منظومة الكاتب حتى يبرر وجوده مبدعا مستوعبا كل انساق اللغة في خطاباتها المتنوعة 

من لغة شفيفة متجاوزة حالمة طائرة وسآتي من المدونة الروائية بأمثلة ٍ تقف شاهدة ً على كلِّ ذلك : 

،، خرجت هذا الصباح الماكر المحتال ، الذي يخدعنا ببرودة الجو  ورقة النسيم ثم تنقض علينا مخالب ُ الشمس الحارقة فتبكي أجسادنا بدموع من عرق،، ص ١٥.

 أو ،، الصيف ُ مجرم ٌ تغص أيامه وساعاته بفحيح الدم  نحن القتلة ونحن الضحايا  ، نحن الجحيم في الجحيم  ولكن حينما يطل الشتاء نتحول إلى أشباه بشر  ، نحس بمذاق الحياة وتراودنا أسئلة الوجود،، ص ١٥ .

 أو ،، نظرت للناس ورأيتهم لا علاقة لهم بالناس ، كل منشغل بنفسه بينما ينهار كل شيء من حولهم ، وهنا نبت في قلبي سؤال أسود : هل يستحق البشر بقاء العالم  ؟  ص ٢٣.

أو ،، الحياة عندنا لاتسير إلا بوقود الدم،، ص ٤٠.

أو ،، منذ الصباح إلى هذه اللحظة وطعنات القيامة تملأ جسدي وها أنت تجهز علي بطعنة يابروتس القيامة ص٤٩.

أو ،، إن  فرو الليل الليل الأسود قد ابيض بأشعة البدر . تخيلت أني سمعت صوت الضوء القمري من خلال السكون المخيم ص٥٠.

 من هذه الشواهد وغيرها الكثير والمبثوثة بعناية ماهر يعرف متى يرتقي بلغة السرد كي يقول نحن أيتها الراقية المتعالية هنا بانتظارك تحت وطأة هذا الجحيم الذي يقطعه ذهابا وايابا 

من الحسينية إحدى ضواحي بغداد وما يشاهد من قتل وخطف ودم واستهانة وعدم جدوى وتحفُر شوارع ونتانة مجاري طافحة من جوانيات البيوت والعقول. 

 في هذه المدونة الروائية نجد أن الروائي ،،نصيف فلك ،، وضع جدل اللغة نصب َ عينيه يبثها جمالا ً مطلقا مرة مدلا على جماليات المجاز والبيان وعلم المعنى والبديع ثم يهبط بها إلى مستويات أصوات الباعة ونزاعات العاهرات ونهيق الحمير  ، الأمر الذي يجعل من متلقي النص وهو يتصفح هذه المدونة ملاقيا مطبات قرائية بين تالق اللغة في متنها العلوي المحفوظ مثل جواز مرور للابداع وبين تدني لغة تجعله ينزف وجوده أسفا استجابة للسرديات في متن هذه الرواية. لذا سأسوق هنا أمثلة ً على كل الذي أريد أن أفضحه من أنساق اللغة الروائية وهي تغذي الجدل موضوع هذه القراءة :

 مثلاً ،، أنا ميت ميت ، لايتفقدني أحد ولاماحود ومستحيل أن يركض ورائي صديق حافي القلب يثغب وينتحب،، ص ٧

أو ،، فززني من النوم هذا الكلب بن الكلب بصياحه ونفيره عن يوم القيامة خرا بصدام توا غفوت وأغمضت عيني بعد حرب طاحنة مع عفاريت الأرق،، ص٧.

أو،، يريد ستار أن يجرب بي نفوذه وسطوته على الناس المساكين من أمثالي،، ص١٣. أو،، أعتقد أن جماعة الثقب الأسود لو أرادوا قتلي لا يحتاجون إلى رسالة تهديد،،ص ١٤.

أو،، لايخلو قميص من بول القفا ، مبقعة ظهورنا من عرق الحر وبول البعير،، ص ١٥. 

 أو يسرد على لسان بائع الثلج ،، أنا كنت رفيق بعثي لكني شعرت برأسي يمتلئ بالخرا يوما بعد يوم،، ص ١٩. 

ويقول: ،، لكن المصيبة العورة : خلصنا من نغولة العقيدة  بالالفين وثلاثة حتى جاءتنا جماعات الثقوب السود،؛ ص ١٩.

 من هذه اللغة المحكية اليومية ما تمتلئ به المدونة  ؛ الأمر الذي يدعونا أن نخلص أن هذه الرواية كتبت وثيقة َ ادانة تعالى فيها الحدث اليومي على كل عناصر السرد مما منحها قوة وجود يوثق  الألم ويمنح الدهشة لراو ٍ انوجد لا ليكون خارج سخونة الوجود يذهب للبرد ليكون واصفا غير متدخل 

بل هو موجود بمسافة الحدث من ضاحية الحسينية في بغداد وحتى مركز العاصمة ، متلمسا يوميات الألم باثا بعض 

الأمل في أوصال مدونته الروائية المقطعة إلى أوصال مشابهة لرؤوس ضحايا هو منهم .

 وبعودة لجدل اللغة نجد الروائي يقول : ،، بقيت اللغة هامدة عاجزة ، قاصرة وقديمة ، مستحيل أن ترتقي وتصف عتبات بؤسنا،، ص ٤٣.

 

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي