loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

بغداد ؛ مملكة الأسود الجلجامشيّة

breakLine

 

د. علي موسى الموسوي / كاتب واكاديمي عراقي




مثل جدائل الجميلات المنسدلة على اكتاف الغوايّة، تُذوب مهجنّا بنكهةِ مقاهيهّا المعتقة حينما تجوبُ نهر دجلة حيث الرصافةِ شرقهِ وإلى الكرخ غربه، بكلِ شارع من شوارعها المطويّة كنفائس، يصطدم بقلبك تمثالاً لشاعرٍ، او معلماً تراثياً لمنتدى او ملتقى ثقافي عتيق، تصطف الكتب على ارصفة متنبيّها، وكأنّ ارواح الكُتاب جالسة تشرح لمقتنيها وجدان الحكايّة، الرحلة البغداديّة الجميلة قد تأخذ منك ساعات طويلة لاتبدأ بداياتها إلاّ عند النهايات، لانّ الذي يقف امام عتباتِ المتحف الوطني، يجد روحه آمنة مطمئنة بحراسةِ الاسود الجلجامشيّة، وتعويذات الأله اورنمو، ومن ثم يصافحك بكلِ فخامة تمثال الملك نبوخذنصر، قبل ان يُحيلك الى ربّة الجمال السرمديّ، عشتار.
مآثرها التراثيّة وحضاراتها العصيّة على الاندثار، دائماً ماكانت ترتكب بعقولنّا فضيحة البقاء على قيد الانبهار، فتقلب الذاكرة صفحاتها من السومرية إلى الآشوريّة مروراً بالفاتنة بابل التي كانت تغفو يوماً مّا بأحضان العصور الاسلامية الزاخرة، بغداد جلنار الوقائع وجوهرة الآداب وأيقونة التأريخ بغداد الفن والثقافة والأصالة فهي بعبق التأريخ والشواهد الحضارية، تنبض بكل المعاني السامية لأبنائها ووافديها.
متعة الوقوف امام تمثال كهرمانة وخيالها الأخاذ، وسماع خرير الماء المنساب، تُحيل الذاكرة الى المشيّ داخل لوحة فرنسيّة فاخرة ليكتمل المشهد، كهرمانة احد اهم الاماكن المُحببّة لدى العراقيين، تقول المرويات الحكواتيّة إنّها كانت فتاة ذكية وشجاعة وكان والدها يمتلك خان فضلا عن امتلاكه عربة يعمل عليها من خلال بيع جرارا من الزيت، وحدث في ليلة من ليالي الشتاء نهضت كهرمانة من فراشها بعد ان سمعت اصواتا غريبة وشاهدت عددا من اللصوص اختبأوا في جرار الزيت الفارغة ولكنهم ابقوا رؤوسهم خارج الجرار لمراقبة رجال الشرطة الذين أحاطوا المكان فأسرعت كهرمانة لإخبار والدها واتفقا على إحداث اصواتا في الخان لكي يخفي اللصوص رؤوسهم، وهنا قامت كهرمانة بملء أحدى الأواني بالزيت الحار وراحت تصبه في الجرار الواحدة تلو الأخرى ولما شارفت الجرار على الامتلاء نهض اللصوص واخذوا بالصراخ والعويل.
بغداد التي كانّ نزار قباني يستشعر قلبهِ حين يلفظ اسمها، فهو يراها حبيبته الثانية بعد بلقيس الرسولة، صدحت اناشيد الصباح الفيروزيّة على ذكرها وبهائها الذي صُورها بذهبِ الزمان وضوعه العطرُ،  امّا نهرنّا العراقي الثالث "محمد مهدي الجواهري" فقد صاغ براعم حروفه الحبريّة من حقل الرياحين ليصفهّا :


يانسمة الريح بين الرياحين
حي الرصافة عني ثم حييني
لا تعبقي إبدا إلا معطرة 
ريانة بشذى وردٍ ونسريني

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي