مقالات ادبية واجتماعية وفنية
حسن الكعبي / ناقد وشاعر عراقي
للقصة عناصرها التي تعرف بها كجنس ادبي له خصائصه التي تميزه عن الاجناس السردية الاخرى ، ومع غياب تلك العناصر( بدون قصد او بقصد ) من كاتب هذا الجنس الادبي المميز, فان نسب القصة يختلط بالاجناس السردية الاخرى في سياق – ما يعرف – بــ( التداخل الاجناسي ) وفي مجموعته القصصية الموسومة ( أخر امرأة على الأرض أو لمن تتخافق الاغربة ؟ ) والصادرة عام 2020 ، عن منشورات منظمة نخيل عراقي/ يقدم الشاعر الكبير (حسب الشيخ جعفر) هذا النموذج من التداخلات الاجناسية ، فالنماذج القصصية التي تنتظمها المجموعة تحيل المتلقي إلى( الموندراما مرة والى المسرح مرة أخرى )، لكنها جميعها تتساير ضمن سردية حوار الأفكار - إذا جاز لنا التعبير - ، ونقصد بحوارية الأفكار هو ذلك النوع من التقاليد الفلسفية المتبعة في أنظمة التفكير الفلسفي من خلال الاستعانة بالحواريات الممسرحة في تقديم الأفكار كــ(جمهورية أفلاطون وإخوان الصفا .... الخ من الاشتغالات الفكرية التي اعتمدت هذا التقليد في طرحها للافكار ضمن مسعى كتابها لتبسيط الأفكار ومحاولة إخراجها من نطاقها النخبوي الضيق إلى اكبر مساحة من التداول والتلقي.
في سياق هذا التقليد طرح الشاعر الكبير (حسب الشيخ جعفر ) نماذجه القصصية ، المتخارجة عن أفق حوارية الأفكار التي تهيمن عليها تقاليد المسرح بحضورها الكثيف على مساحات السرد ، كما تهيمن على المجموعة تقاليد الشعرية التي تشكل هوية السارد (حسب الشيخ جعفر )بدءا من صياغة العنونة التي تفصح عن شعريتها مرورا بالعنونات الفرعية ونزولا عند متضمناته النصية .
ان ارسالية القصص يهيمن عليها روح الاغتراب ، حيث يغيب المكان الاصلي ويحضر المكان البديل ، - أي المنفى - ببرودته القاسية وبالاحساس بالشتات ضمنه وبالوحدة القاسية التي تجعل من الشخصيات تحاور نفسها أو تحاور آخر متخيل استحضرته الذاكرة , فالمرأة في قصة (ملتقى الرياح الأربع ) أو في قصة (لمن تتجمع الاغربة) وفي قصص اخرى ترمز الى الروح التي تحضر في سياق من الاغتراب اما كسيحة او عليلة او بصورة كابية شبحية لا يمكن الامساك بها ، اشارة الى حالة الاغتراب المهيمنة ، والشخصيات الاخرى ، الشخصيات الواقعية التي لها حضور تاريخي واقعي والمستدعاة من الذاكرة كـ(بدر شاكرالسياب) في قصة (عند السياب ) ، وبلند الحيدري والجواهري ونزار القباني في قصة (الشعراء في الجنة ) وغيرهم من الشخصيات , فهي ايضا تتساير ضمن حالة الاغتراب وحنين الباث لاقامة حوارية معهم .
ان حضور هذه الشخصيات لا ينفي حالة الاغتراب بل يؤكدها ، فالحواريات بينهم تأخذ شكلا احتداميا صراعيا ، ينتهي بخاتمة مفتوحة او غامضة ، تعبيرا عن حالة الاغتراب التي يستشعرها الباث .وبهذا فان النسق المهيمن على مجموعة اخر امراة الارض هونسق الاغتراب الذي يسعى حسب الشيخ جعفر الى تمثيله في هذه المجموعة القصصية المذهلة التي تحفر عميقا في التنوعات الفكرية والثقافية التي تتساير ضمن مساحات الاغتراب كهاجس مسيطر على مساحات النص القصصي.
...........................
الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-
او تحميل تطبيق نخيل
للأندرويد على الرابط التالي
لاجهزة الايفون
او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي