loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

ما الذي نعرفه عن الميديين؟

breakLine

 


كلكامش نبيل | صحفي ومترجم عراقي

على الرغم من تحالف الميديين والكلديين لاسقاط نينوى (612 قبل الميلاد)، عاصمة الإمبراطورية الآشورية في حينها، لا يبدو الحديث عن الميديين واضحًا لغياب نقوش خاصة بهم، بل وضبابية تاريخهم وهويتهم، إذ لا يعرف الباحثون حتى إن كانت هناك لغة ميدية حقا بسبب غياب المصادر الأصلية المكتوبة، والاعتماد على مصادر يونانية بعيدة وغير مباشرة، اعتمدت هي الأخرى على مصادر أخمينية خلطت الحقيقة بالأسطورة. فما الذي نعرفه عن الميديين؟

عن غياب المصادر الأصلية وضبابية المدونات اليونانية، نقرأ في كتاب "سرجون الثاني: ملك بلاد آشور" للمؤرخة الفرنسية جوزيت إيلاي، ما سأترجمه كما يلي:

(بخلاف الوضع في بلاد آشور أو أورارتو أو بابل، لم يتم اكتشاف أي نقش ميدي حتى الآن. في الواقع، لا يزال وجود لغة ميدية محل نقاش. قبل اكتشاف المحفوظات المسمارية والحفريات الأثرية في بلاد ميديا، اعتمدنا في إعادة بناء تاريخها على المصادر الكلاسيكية: أعمال هيرودوت (بشكل أساسي) والمؤرخين اللاحقين. وفقًا لهيرودوت، وحّد ديوسيس قبائل الميديين الست وأسس الإمبراطورية الميدية، وعاصمتها إكباتانا (همدان الحديثة)، ووصلت إلى أقصى الغرب حتى نهر هاليس في وسط الأناضول؛ وتم انتخابه ليكون ملكهم (كتاب التواريخ 1.95-106).

لكن هذا الكلام لا يبدو واقعيًا، إذ نقرأعن الشكوك حول وجود إمبراطورية ميدية موحدة: (مع ذلك، تفتقر المعلومات اليونانية لأية موثوقية لأنها لا تقوم على معرفة مباشرة ببلاد ميديا، بل على معلوماتٍ تم جمعها في الدوائر المتعلمة للإمبراطورية الأخمينية باعتبارها الأساطير التأسيسية للدولة الميدية؛ يمكن استخدامها الآن لإعادة بناء طرق كتابة التأريخ اليوناني. وبما أنه من المعروف أن الميديين دمروا الإمبراطورية الآشورية وأنهم هُزموا على يد كورش الثاني، مؤسس الإمبراطورية الفارسية، فإن الإمبراطورية الميدية، إن وجدت، لا يمكن أن تكون موجودة إلا في الفترة ما بين 612 و550.

وهذا ما تؤكده المصادر الآشورية المعاصرة، الأكثر مصداقية، حيث نقرأ: (كانوا مربين للماشية والخيول، وصُوّروا كقومٍ من المغيرين. في نقش بارز في قصر خرساباد، صُوّر الميديون دائمًا على ظهور الخيل، ولم يتم تمثيلهم أبدًا مستخدمين العربات. تظهر نقوش سرجون أنه كان هناك عدد كبير جدًا من المستوطنات الميدية، والعديد منها محصن، لكن الكثير منها ربما كان قرى صغيرة، إذ أن التمييز بين آلو، "المدينة"، وكابرو، "القرية" ليس واضحا. يوصف الميديون بأنهم شعب مستقر، وليس من البدو، يعيشون في المدن أو القرى. تمامًا مثل الشعوب الأخرى في وسط زاغروس، كان يحكمهم أمراء المدينة بالوراثة، وهو نظام سياسي متجذر بعمق في مجتمعاتهم. وحتى عندما قام سرجون بدمج هذه الأنظمة السياسية في المقاطعات الآشورية، فقد أبقى أسياد مدينتهم في أماكنهم. باختصار، وفقًا لوجهة النظر الآشورية، لم تكن هناك مملكة ميدية واحدة في ذلك الوقت، بل العديد من الأنظمة السياسية الصغيرة المستقلة، مع عدم وجود عنصر واضح للوحدة فيما بينها).

بالطبع، تبدو المصادر الآشورية المعاصرة للميديين أكثر دقة، ولكن غياب معرفتنا بنقوش ولغة ميدية يجعل أي حديث عن صلة شعوب معاصرة بهم ضربٌ من الخيال والبعد عن الموضوعية.

الصورة: رجل ميدي (يرتدي جلد حيوان) في صفوف دافعي الجزية للملك الآشوري سرجون الثاني – قصر سرجون في دور شروكين (خرسباد الحالية) – القرن الثامن قبل الميلاد.

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي