loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

نقد تناقضات النهج العبثي في نقد الإسلام

breakLine

 

 

كلكامش نبيل | كاتب عراقي

 

في عام 2012، صدر وثائقي بعنوان الإسلام: القصة غير المروية Islam: The Untold Story، وفي تلك السنة اقترح عليّ صديق بريطاني ترجمة الوثائقي إلى العربية لتنوير المجتمعات في المنطقة. شاهدتُ الوثائقي وتبنيت وجهة النظر تلك لأنها تلائم ما أرمي إليه. بالمثل، تبنيتُ على مر السنين الكثير من الانتقادات من دون الالتفات إلى التناقضات الهيكلية بينها وفشلها في تقديم سردية تاريخية بديلة تتّسم بالاتساق.

بمرور الوقت أصبحتُ مهووسا بالاتساق وأن يكون أي نقد منطقي ويقدم رواية منطقية وليس مجموعة متضاربة من الاتهامات هدفها التشويش ليس إلا.

لتخليص ملاحظاتي حول ما تبنبته طويلا من هذه الاعتراضات، أكتب:

يقول البعض أن العرب فارغين، لم يكن لهم ثراء فكري وثقافي قبل الخروج من الجزيرة العربية، وأنهم صُدموا بالتنوع العرقي والديني بعد دخول العرب المسلمين إلى العراق والشام ومصر وفارس، وكان ذلك بمثابة صدمة حضارية لهم.  

لكنهم يقولون في الوقت نفسه أن مجتمع الجزيرة العربية قبل الإسلام مجتمع متنوّع ضمّ المسيحيين واليهود والوثنيين، وأن الإسلام دمّر المجتمع التعدّدي من خلال التوحيد والنظرة الشمولية، فهل الإسلام فكرٌ ولد في تلك البيئة الصحراوية أم أنه فكر أستوردته العرب من المسيحية واليهودية في الشام ودمّر المجتمع المتنوّع؟

وبينما يقولون بأن العرب فارغين ثقافيا، يقولون إن محمّد نفسه مسيحي، وتعلّم على يد «ورقة بن نوفل» المسيحي، وتارة يجعلونه أريوسي وتارة نسطوري، وأن خديجة مسيحية ولهذا السبب لم يتزوّج عليها أخرى، وأن محمّد نقل عن اليهود ومطّلع على العهد القديم والأناجيل وأساطير فارس والأفلوطينية الجديدة وأفكار جالينوس والزرادشتية، وأنه أمر بعض أصحابه بتعلّم السريانية والعبرية.

وبعدها يقولون إن العرب كانوا على تواصل مع اليمن والشام من خلال التجارة، وأن محمّد نفسه كان تاجرًا زار الشام مرارًا وتكرارًا.

وهناك من يقول إن مكة أصلا لم تكن في الحجاز، بل في البتراء في الأردن (مع نفيهم كون الأنباط من العرب عندما يفتخرون بحضارتها ونسبتها للعرب عندما يرومون ذمّهم)، وهناك من يقول بأن «محمد» من نبط العراق (ولا وجود لشيءٍ كهذا في التاريخ القديم غير الإسلامي)، وبعد ذلك يقولون بأنه أعرابي أمّي لا يفقه شيئًا.

الأغرب أن هناك من يقول بأن الإسلام صنيعة العباسيين (أي أن الدين الصحراوي ولد في العراق الخصب)، وأن الأمويين كانوا مسيحيين؟ ثم يعود ليهاجم وحشية الغزوات الإسلامية، فهل كانت تلك الغزوات مسيحية إن كان الأمويون مسيحيين؟

لم أعد أدري، هل كان العرب فارغين فكريًا أم مجتمعًا متنوعًا متحضرًا؟ هل كانوا منعزلين صُدموا بالانفتاح بعد التوسّع أم أنهم تجّار محتكين بكل التوجهات الفكرية والثقافية والدينية في الشرق الأدنى القديم ككل؟ وهل كان محمّد بدويًا جاهلاً أم من نسل شعبٍ من العراق والشام، ومسيحي مطّلع على تراث المنطقة الديني بطريقة موسوعية؟ وهل نشأ الإسلام في بيئة متصحّرة ولّدت الشمولية أم أنه وليد البتراء وأنه نقل أفكاره «الشمولية» من اليهودية والمسيحية (الشامية)؟

المشكلة أن مؤلفي هذه النظريات لا يبحثون عن الحقيقة عند طرح هذه الأسئلة والفرضيات، ولا يأبهون بالتناقضات التي يسوقونها، بل إنهم لا يدركون التناقضات التي يقعون فيها إذ يتبنّون الشيء ونقيضه، ولا يرومون تقديم رواية بديلة متناسقة، بل هدفهم بث الشكوك وكفى!
 

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي