loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

أساطير العشّار

breakLine

 

 

لؤي حمزه عباس || كاتب عراقي


يواصل محمّد خضير في كتابه (العشّار، أساطير الميل الواحد) الصادر مؤخراً عن دار الرافدين، الكتابة عن مدينته واستعادتها كلَّ مرّةٍ على نحو جديد، إنه ينزل في طبقات المكان ليقرأ على صفحاته ما لم يقرأه من قبل، فالمكان يتجدّد عبر حضورنا فيه كما تتجدّد مياه نهر هيراقليطس الذي لا ننزل فيه مرتين، والمكان البصري الذي قُرأ من قبل قراءة بانورامية/ حلمية في (بصرياثا، 1996) و(أحلام باصورا، 2016)، يُقرأ من جديد قراءةً مشهديةً مجتزأةً في (العشّار)، إن ميل العشّار يمتدُّ أفقياً عبر خوض محمّد خضير في طوبوغرافيا المكان، لتشكّل القراءة تمثيلاً لسطح الواقعة المكانية بعناصرها الطبيعية والبشرية، مثلما تشكل نزولاً في طبقات المكان لاستنطاق سردياته الحافلة والإنصات إلى قصصه المتراكبة على طرس المكان، إن استعادة التجربة المكانية في عرف مواطن أبدي مثل محمّد خضير، تفتح الباب لمؤرشفي الشارع ورواته العابرين لكي يدلوا بشهاداتهم بحسب مؤدياتهم اللغوية، فـ "لا تكتفي نصوص "العشّار" بعنف الواقع الموسمي، لكن بعنف اللغة أيضاً، لتخترق زمانها الحالي وترجع إلى مأواها الأول في نصوص القصاصين من مؤرشفي أساطير الشارع"، فلعشار، مثل كلِّ مكانٍ آخر، لا ينطوي على سؤال واحد، إنه مجموعة أسئلة، ألغاز، رحلة حتى آخر الليل، وهي الرحلة التي يُنصت محمّد خضير إلى خطى العابرين على شوارعها ويدوّن ما يصله من همهماتهم لينسج أسطورته الشخصية التي تملك أن تتعدّد مشكلةً أساطير المكان مهما بلغ اتساعه، فالميل الواحد في كتاب العشار ينفتح على أيام المؤلف الذي يحدّثنا في مفتتح كتابه "أقضي نصف نهاري عادةً في أسواق المربع الواحد، المتفرعة عن نظام "الكاووس" الكوني، ممدّداً بضياعي فيها ما بقي من سنين الحاضرة المختنقة بالزحام البشري وفوضى لباسه وتلاطم مفردات ألسنته غير المُعجمَة، المصروفة على وزن غير معروف"، إنه النهر، مرةً أخرى، وقد ارتسمت على مرايا أمواجه ملامح العابرين في زحام العشار وتداخلت مع انكسار أمواجه لجاجة أصواتهم. يتحوّل المكان في كتاب العشّار ليكون زماناً منفتحاً على خليط الأزمنة الذي يتحرّك حرّاً من ماضي الحكاية لحاضرها، منصتاً لما يأتيه من مستقبل تقلباتها حيث يحكي المكان فصلاً جديداً من حكايته، فصل الأنهار الدافقة بالوجوه والأسماء والمصائر المخبأة، ليحدّد المؤلف نقطة هائمة على سطح النهر، النقطة التي تتحول سريعاً إلى ملتقى أصوات رواة العشّار وتقاطع مصائرهم، من هنا كان للعشّار في كتاب محمّد خضير أسماء وطوبوغرافيات، فلا يكفي أسم واحد ليدل على مكان هو الذروة، والسرّة، والبوصلة، ولا تكتفي طوبوغرافيا واحدة لتحديد تضاريسه المتراكبة مثل طبقاته، لكل طبقة حكاية ورواوٍ، إنها موعظة العشّار وأسطورته غير المنتهية، "فوضى تولّد نظاماً، ونظام يتصرّف برعونة الأصناف غير المجنسة، ضلالة يكتنفها صدق الحوار، وتقوى الضمير"، من أجل أن يواصل العشّار سرد أساطيره، مختزلاً صوت المدينة ورجع أسطورتها التي تخبيء مسراتها وأحزانها في أسم واحد من أسمائها وطوبوغرافيا واحدة سريعاً ما تذوب في ما ترويه الحكاية عن مكان هو ميل الأسطورة الواحد، حلمها البعيد ونبوءتها.

 

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي