loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

اغتراب رغم الاقتراب

breakLine

 

محمد الشحري || كاتب عماني


أي خذلان يتوغل في النفس إلى أن يصل إلى شغاف القلب، أي حسرة تثقل الذات إلى حد تجاوزالإدراك. كل تلك المشاعر والأسئلة اللوامة، تدفع بشخص مثلي إلى طرح سؤال أبكم. لماذا تأخرت عن اكتشاف محيطي البيئي ما يقارب عقدين من الزمان، عشتهما في مدينة صلالة( )، وأكتفيتُ بالأمكنة أو قل المعالم المستهلكة غدوا ومجيئا كالأرصفة.
أدركت مؤخرا – كالعادة- بما لا يدعو للإرتياب إنني كنت بالفعل مُغترب في مكاني وعن بيئتي، ولكن ذلك لم يكُن مؤلما بقدر إيلام السؤال الحائر، كم مفردة جميلة أو فكرة جليلة نمُر عليها ولا نلتفت إليها أو نمنحها حق التبجيل، بعدما أكتشفت غواية البيئة الظفارية بحجرها وبشرها وشجرها.
وكلما تعرفت على مفردة ثقافية، أو وادي مُبهج، أو كهف آسر، أو عين ماء صافية صفاء عين الصقر، كما سرى الشعور بنصل الحسرة على تجاهل مباهج الحياة في تلك الأنحاء. فأعود إلى نقطة البدء، وأحس بمحنة التوهم، والادعاء بمعرفة الثقافة الظفارية ومكنوناتها.
إن الإصغاء للصمت في كهف وادي جرزيز، والانتشاء بصوت طائر أنيس الليل، يبعث من أعماق النفس، صورا وذكريات، طمرتها الأيام في جوف العُمر، فتتجمع الذكرى وتفيض على الذات سرور وحبور.
كذلك إذا مررتُ بمرابد الإبل المبثوثة بين اكتاف الأودية وسُرر الشعاب، وشاهدت أكوام الرماد، الشاهدة على انقضاء الليالي من سجل الأعمار، ومكان مبيت الرعاة، والفاصل الحجري بينهم وبين النوق، تحت أشجار المشط (السغوت) الظليلة. ذلك المشهد يُعيد شريط السنوات، ويفتح على مشهد طفل كان يتنقل بين مبيتات الرعاة، ويُشكل مع أقرانه وفود تتنقل بين أطراف المربد ليلا، وفي النهار يتخذون المربد ملعبا لعدة أللعاب.
أثناء انتقالي – المتأخر- في الأودية والشعاب برفقة شباب من خلفيات مهنية وثقافية متنوعة، نكتشف معا، تحولات الطبيعة، وعوامل التعرية، التي تُغير معالم الأمكنة، فتحيل الأودية الجرداء إلى حقول غناء، أو تكشف الأتربة من بطون الأودية، فتعريها إلا من الحصباء والجلاميد، أو نقف على مشاهد انتحار الأشجار وقوفا، وتكدس بيوت النمل الهرمية، أو شساعة مستوطنات النمل الأسود.
عوالم أخرى تعيش معنا  من الممالك الحيوانية والنباتية وفق أنظمتها، ومشيئتها الطبيعية، و تتدخل في شؤوننا مالم نبادر إلى اجتياح مجالاتها الحيوية. 
اقول ربما أن الجائحة التي تضرب أطنابها على الكوكب الصغير، وتأثير كورونا علينا، وتأثرنا بحالات الغلاق الكاملة أو الجزئية لعدة أنشطة، أو الحجر المنزلي، والبقاء في المنازل، هي العوامل التي دفعتني شخصيا للعودة إلى الطبيعة التي وُلدتُ فيها قبل جيل من الزمان.
فهل يمكن وصف ذلك بحسنة من حسنات (كوفيد 19) ؟!!
لا تحضرني الإجابة في الحال، لكن من المؤكد أن الرحلة في الطبيعة الظفارية مستمرة.

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي