loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

البِنية المُفارِقة في قصص شبابيك زيّانة

breakLine

 

علي كاظم داود || كاتب عراقي

 

صدرت مجموعة القصص القصيرة جدًا، (شبابيك زيّانة) ضمن منشورات كتاب مجلة نزوى، عام 2020، للكاتبة العمانية (بشاير السليمي)، وضمّت المجموعة أكثر من أربعين قصة قصيرة جداً.
رصدت القصص جزئيات الحياة اليومية، وبعض الموضوعات الاجتماعية العابرة، والتفاصيل التي قد لا يلتفت إليها أحد: يوميات المرأة والإنسان والعائلة والحياة، وناقشت بعض القضايا والمشكلات الماثلة في المجتمع العماني والعربي، وطرحت لها حلولاً افتراضية أو فنتازية، من وحي خيال الكاتبة.
عبرت القصص عن تجارب شخصية، ومواقف ملحّة في ذاكرة الكاتبة، ولهذا نجدها في الغالب تأتي بلسان ساردة أنثى أو بلسان سارد عليم، هما بمثابة قناع للكاتبة في النصوص.
نُسجت القصص بلغة مقتصدة شديدة الاختزال، واعتمدت كثيراً على صناعة المفارقة في نهاياتها، لكي تترك أثرها البليغ لدى القارئ. وأحياناً قامت بعض القصص كليًا على بنية مفارقة، من خلال توليد عقد مركّبة، وخلق صدمات متتالية، تؤدي إلى المفاجأة والإدهاش وكسر التوقع.
من النصوص المميزة في المجموعة نص بعنوان: (رجل واحد) سنورده كاملًا ثم نقوم بتحليله. يقول النص: «صار عمرنا أربعين عامًا، ولم يعد أحد من الحرب. لذلك اتفقنا، صديقتي وأنا، على أن نتزوج رجلًا واحدًا، سنتزوج أول جندي يعود، ولكنه حين عاد كانت يداه مقطوعتين، فألبستها أنا خاتم الزفاف وهي ألبستني، بينما كان هو يقف بيننا ويبتسم».


تطرح قصة «رجل واحد» منذ سطرها الأول إشكاليتين مهمتين هما: تقدم عمر المرأة دون أن تحصل على زوج مناسب، واستمرار الحرب في التهام الرجال. والإشكالية الثانية سبب في تفاقم الإشكالية الأولى واتساعها. تقوم القصة بعد ذلك بتنزيل هاتين الإشكاليتين إلى مستوى التمثيل الواقعي من خلال اقتراح شخصيتين هما: الساردة وصديقتها، لحلّ يكاد يكون أزمة في حد ذاته، وهو أن تتزوجا رجلًا واحدًا. وقد وقع الاختيار مسبقًا على أول جندي يعود من الحرب حيًا، لكن الأزمة الجديدة التي تولدت من هذا الحل أن أول عائد كان مقطوع اليدين، فترتجل القصة حلًا لهذه المعضلة الجديدة، بأن تلبس العروسان خاتمي الزفاف إحداهما للأخرى، ويبقى الزوج متفرجًا بينهما!
بعد أربعين عامًا، لم يعد الرجال من الحرب، فما ذنب المرأة في مجتمع يقطف زهور عمرها اليانعة ويتركها تذبل وتموت، مجتمع لا يمنحها زمام أمرها، ويتخذ قراراتها المصيرية نيابة عنها، وعندما تضيق الخيارات أمامها تكون مجبرة على الرضا بما هو واقع. رجل واحد فقط بعاهة مستديمة تتقاسمه امرأتان. إنها سخرية وإدانة واضحة لثقافة المجتمع الذكورية التي تجبر المرأة على القبول بحلولها المشوهة. تجبر المرأة على القبول بنصف رجل، يعاني من عجز تام، دون أن يسمح لها بالإفصاح عن مشاعرها تجاه ذلك، لأن الرجل هو الوحيد الذي يعبر عن مشاعره في المشهد، بابتسامة بلهاء محايدة.
من أجل ذلك نزعت القصة إلى توظيف المفارقة بشكل فاعل، حتى غدت عنصراً مكوناً لهويتها التركيبية، مستشعرةً بذلك قيمة أساسية من القيم الجمالية في عصرنا الحاضر؛ فالقارئ سئم الرتابة وأساليب الحكي المعتادة التي تسير في خط متوقع، وتنتهي نهاية عادية. والمفارقة هنا لا تنحصر بالنهاية الصادمة للقصة فقط، بل نرى أنها قد أمسكت بزمام السرد، منذ بداياتها، وحتى الخاتمة

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي