loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

الراية

breakLine
2022-11-13

 

محمد خضير || كاتب عراقي

 

في الوجهين اللذين رسمَتْهما الفنّانةُ المميَّزة نوال السعدون للشاعر سعدي يوسف (العام ٢٠١٨) بصمةٌ خاصة تلوح في الالتفاتة والنظرة والخِلابة السمراء، لم تتأخّر كثيراً، حينما تأخرَ المُعجَبون والمناصِرون للشاعر في أزمته/ أزماته قبل المرض وبعده، في رسم خطوط نبوءةٍ مخيفة (وحين أعادَ الخصومُ العقائديّون كرَّتَهم لاستئناف العَداء بعد موت الشاعر!).
 يلتفت وجها اللوحتين، المرسومان باستغراب حذِر، يقطعهما خطٌّ أخضر، مع نظرةٍ مستريبة يقوِّسها خطٌّ أحمر، مرة ثانية. والخطّانِ وشْمانِ رمزيّان لِما تبقّى من ذكرى بلادٍ ممزَّقة، مُرّةِ المذاق، علِقت بلقبي الشاعر الشهيرين (الأخضر بن يوسف والشيوعي الأخير). فإذا بهتَت الذكرى، بقيَ الوجهان المتخايلان_ بقوسيهما المتلألئتين_ يتنقّلان مع رثاءٍ ينساب متمهلاً من فيديو يصوِّر الشاعرَ في جولةٍ خلويّة له في غابةٍ بإنجلترا.
 الصوت يتصدّع، في الفيديو_ كما البلاد_ لكن حقيقة الجولة المتمهّلة، تسبق صدى القصيدة التي يُلقيها مع وزن الخُطى وابتعاد الظّلال. الرثاءُ المتصدّع، الارتيابُ المرير، الوهنُ والأسف،  تكلِّل جميعُها وحدةَ الشاعر المريض، كما كلّلت جُبرانَ في مستشفى بأمريكا.. وكان الزائر الصديق، ميخائيل نعيمة، يُنصِت الى "الحشرجة" المعترِضة حَنجرةَ المُحتضَر، فيعظِّم صداها كقوس كمانٍ غير منظور..
 لكنّنا هنا، في الوجهين، نُبصِر الشاعرَ، بعيني صديقته الرسّامة، ونؤوّل قوسَيهما الماثلتين كعثرتي طريق، وشطريْ مَزار، على كمان الحشرجات الصامتة... يغفر لنا، قبل أن نغفر له أوزاراً، حمّلناها إيّاه فوق ما احتملت قوساه. 
 وليس ذنبَ الشاعر أنّه مطرود من رحمتنا، رحمةِ البلاد المنكِرة، وقد أعادتْها نوال السعدون لتلصِقها (الرحمة) بوسميْن، أخضر وأحمر، فحسب. وحول ذينك الوسميْن، أو دونهما، نظراتٌ لا تكفّ عن الاستغراب والريبة، مركّزة حول نقطةٍ غائبة في سُمرة البلاد المتصدّعة، البعيدة.
 هل ننتظر القوسَ السوداء، الثالثة، لكي يرتسم وجهُ سعدي يوسف رايةً تغطّي وجهَ الأرض التي وطأتها قدماه، وخرج منها خالباً مخلوباً؟ أأننتظر الوعدَ الأسود وتنطفئ العينان؟ (وقد خبتا بعد حين وانطبق الوعدُ على قوسه الثالثة)؟
 ويلاه!  تلك لحظة الشعراء وحدهم، المحمّلين "وِزرَ" التاريخ الأسود (وقد حُمِّلَه من قبل السياب ورشدي العامل والبريكان والنوّاب).
ليس وِزرَك يا سعدي، وحدك؛ فهو وِزرُنا جميعاً، بأقواسه الثلاثة!
وثِقْ بأنّ الراية_ القوس لن تُنكَّس، حين تختفي الخطواتُ من الغابة، ويسكت الأنين!

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي