loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

الشعراء في خطرٍ .. الذكاء الاصطناعي وقول الشعر

breakLine

 

 

د. عماد جغيم عويد || كاتب  وباحث عراقي

 


تعرض الشعراء على أمتداد التاريخ إلى تحديات كبرى تمثلت بالاشتراطات الدينية ، والاخلاقية ، والنقدية ، فضلاً عن الاكراهات النسقية التي طبعت التجارب الشعرية بطابع خاص .


فلا يتبعهم إلا غاوٍ يترنم بفضول الكلام ، ونجد افلاطون قد طردهم من مدينته الفاضلة ؛ لتخييلهم الفائق ، ناهيك عن المنظومة النقدية التي حددت اشتراطات قبلية لقول الشعر ، فقد هُجّرَ المتنبي وحبيب بن أوس من دائرة الشعر ؛ لتوظيفهما الفلسفة ، والمنطق في نصوصهم الشعرية .


والتحدي اليوم أصعب وأشد وطأة على الشعراء ، فمع العصر الرقمي وجب على الشاعر تطوير أدواته الشعرية ؛ لمواكبة الثورة المعلوماتية التي أنتجت ذائقة مختلفة قطعت الحبل السري مع آفاق التوقع ( الاجناسية ، والشكلية ) فمقولة الفحولة الشعرية لم تعد تُجدي مع الفضاء الرقمي الذي اختلطت فيه الخطابات ، وتناسلت ، فالصورة والموسيقى ، والمؤثرات المختلفة زاحمت النص الشعري ، واستعملته جسراً للعبور إلى آفاقٍ مجهولة ٍ غير واضحة المعالم ، فالروابط التشعبية في النصوص التفاعلية حولت المتلقي إلى لاعب لا يُجيد التذوق 


ومع الذكاء الاصطناعي أصبح الأمر أكثر تعقيداً ، فيمكن للخوارزميات أن تُحاكي ما شاءت من الشعراء بدأ من امرئ القيس ، والاعشى ، وصولاً إلى نزار قباني ، وأحمد مطر ، ومروراً بأبي الطيب والمعري ، وبشار ، والحيص بيص ، والطغرائي ، فقد تمكنت شركة مايكروسوفت من تطوير برنامج لكتابة الشعر المُستوحى من الصور ، فقد كتب الحاسوب نصاً شعرياً مستوحى من صورة ( سرطان البحر الميت )


( والآن أنا تعبت من نفسي
فاسمحوا لي أن أكون منعشاً بالأزرق
مسكوناً عبر السماء العارية
حيث الماء البارد يدفئ الهواء الأزرق
لامعاً بزهوٍ لا يصلُ أبداً )

 وهذا النص يمثل إجابة عملية للمشككين باستحالة محاكاة الذكاء الاصطناعي للعواطف والاحاسيس البشرية ، 


وعند الاطلاع على مُدونة أحد المبرمجين العرب الذي استعمل نوعاً من أنواع الشبكات العصبية المسماة بـ ( LSTM ) ، واستعماله لبرنامج ( Markov chains ) فقد حاكى الذكاء الاصطناعي أكثر من 62 شاعراً عربياً من مختلف العصور بتقانة تكرار القوافي ، وانتج لنا مُدونة شعرية موازية للشعر العربي بوساطة الذكاء الاصطناعي ، وقد أخترت منها بعض الأشطر الشعرية التي تُنذر بعصرٍ شعريٍ مختلف ممكن أن نسميه بـ ( شعر الذكاء الاصطناعي ) فقد حاكى عنترة العبسي فقال : وتظلُ عبلة في فؤادي شبيه الليل لوني غير أني ، فقلت لها يا عبل قد شمت الأعادي ، وحاكى الخنساء فقال : جودي عليه بدمعٍ غير دمعكما وجودا ...كما وآلى علينا من خلافتهم وقودا ، وحاكى الأخطل فقال : إني حلفت برب موسى جاهدا ، وحاكى قيس بن الملوح فقال : هو اليأسُ من ليلى فان كنت صادقا ، أما محاكاته لنزار قباني فقال فيها : كيف الدخول إلى القصيدة يا ترى ؟ ورأساً بين آلاف الهدايا ، ونجده يحاكي أحمد مطر فيقول : اسرتنا مؤمنة تُطيل من ركوعها تُطيل من سجودها ، فدع الخرافة في قرارة موتها ، 
فهذا التطور الخطير سيُعيد اقتراح الاسئلة حول الشعرية ، والشاعر ، والابداع ، وصولاً إلى نظرية الأدب التي بدت حائرة أمام العصر الرقمي للأدب .

 

 

 

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي