المُقاربةُ العنوانيةُ في النصِّ الروائي (القدرُ صَديقٌ سيّئ)، لسلمان محمّد جودة

د. جبّار ماجد البهادلي / كاتب عراقي

   انطلاقاً من أَنّ العنوان هو (ثريا النص) المشعة إشراقاً، وهو أيضاً النافذة الضوئية التي نطل منها على النص الرئيس، وهو المرآة المصغرة العاكسة للنص الأدبي، وأنّ النصّ الموازي في الرواية هو استراتيجية العنوان الرساليّة الكبرى الموجهة ذهنياً إلى القارئ. فإنّ الروائي سلمان محمّد جُودة في عنونته الوثائقية والآيديولوجية وتدوينه للأحداث التاريخية والوطنية والسياسية الحديثة الموسومة ب(القدرُ صديقٌ سيّئٌ) في أنسنته العنوانية الانزياحية الاستعارية المجازية لمفردة (القدرِ) يؤمن إيماناً روحياً غيبياً مُطلقاً بأنّ القدر الجبري هو حليف سيّئٌ جداً لا يمكن مرافقته كصديق زمنياً، ولا يمكن مجاورته مكانياً؛ كونه حدثاً فجائياً غيرَ معلومٍ حدوثه. على الرغم من كونه إيجابياً اكتسب فنياً وجمالياً صفات العقلنة الإنسانية والحركية في واقعة الحدث الموضوعية من خلال شحنات هذه العنونة المجازية الفنية المتمايزة.
وعلى وفق هذا المنظور السردي لجماليات العنونة. فإنّ رواية (القدرُ صدبقَ سيّيٌ)   تعدُّ من الروايات الفنية الحديثة التي تنماز بعدة خصائص منها، تشخيص الذات الانكسارية المحبطة المأزومة بفواعلها الشخصية الرئيسة والثانوية، وتواتر حركة واقعها المعاش الاعتباري الراهن وفتذاك، وبيان حالة النكوص النفسي والانحسار  الذاتي لشخوص مرجعياته الثقافية والتاريخية والوطنية الرمزية، فضلاً عن شيوع سمات المباشرة والتقريرية والوصوح الشديد لمناخ السردية ودقة العنوان وارتباطه المباشر بالتقريب الحدثي الموضوعي لوحدة الرواية العضوية التي يسعى الكاتب في بنيتها الفكرية الحيّة إلى الإمساك بتلابيب أذيال نسيج مدخلاتها ومخرجاتها الفنية الراكزة.
 إن ما يلفت النظر في المقاربة العنوانية لرواية (القدر صديق سيّئ)، هو تذييل مؤلّفها سلمان جودة العنوان الرئيس بعنوان صغير فرعي شائق الإمتاع والمؤانسة للقارئ في كل جزء من جزئي الرواية الاثنين. العنوان الفرعي وسمه ب (رمادُ الأمنيةِ) الدلالة على بقايا الاماني والتطلعات المحطّمة المحترقة في انطفاء جذوتها النارية. والعنوان الفرعي الثاني وسمه بعبارة (العابرونَ في الظلام ِ). ودلالاته توحي بالنهايات والغايات الزمنية لفواعله الشخصية العابرة من خلال أنساقه الخفية في حقبة من حقب الظلام التاريخية التي عاش أحداثها الروائي زمكانياً وواقعياً.