loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

((الولادة الهجينة))

breakLine

 

حيدر الموسوي / شاعر عراقي

 

 

 

إن العوالم الوهمية - عالم السوشال ميديا والعالم غير المقنن "الفوضوي "- ،  صنعت هالة وهمية لأولئك الظانين بأنهم يحملون أفكاراً برونزية أو ذهبية في بعض الأحيان ، ومنهم "الدخلاء" في اختصاصات لامحل لهم بها من الإعراب ، كالصحافة والأدب والشعر والفن والخ……  ، وحتى الألقاب الإجتماعية ،  الذين يحملون ألقاباً ليست من حقهم ، لسد الهوة النفسية الموجودة داخلهم .
وضعوا أنفسهم بأماكن لايسد فراغها الّا أصحابها ، فأصبح أحدُهم له شأن بين من ألّهوه وجعلوا منه شخصية وهمية ، فتولّد بداخله إعتقاد ظنَّ من خلاله بأنه من أصحاب الحكمة والرأي ، حتى تسيّد بين أقرانه ومؤيديه .

تنشأ من الفراغ غير المقنن ، شخصية مضطربة وفوق الازدواجيّة ، كثيرة الجدال قليلة الصمت ، تدعي بمعرفة كل شيء ولاتعلم ولاتفقه أي شيء ، لاتعرف باب الحق فتستدل به ولاباب العمى فتصدَّ عنه ، هذه الشخصية تأبى الإندماج بعالم العلم والمعرفة . لأن الثياب المتسخة والرديئة لاتتلائم أن تعرض مع الثياب الأنيقة والمعطّرة ، إن العقول تتغذى  وتنمو كما تتغذى الأجساد وتنمو ، ومطالعة الأفكار سمة للعقلاء وأصحاب العلم والمعرفة .
هذا المخلوق الهجين ترعرع وكبُرَ داخل عوالم لاتحمل طابعاً مستقراً ، يتكلمُ بدون علم ، يُناقشُ بدون دليل ، يُسقّطُ بدون تورّع ، فالنتيجة الحتمية إن هولاء الاشخاص أصبحوا مدججين برؤى صنعها لهم عالمهم الوهمي .روئ خيالية وخالية من أي قيود .

فأعتقد إن هذا المخلوق فاق الجاهل الذي ذُكر في المقولة التالية  : 
"ماناقشني جاهل الّا و غلبني" . 
والسبب أن الجهل البسيط والمركب كما ذكرهما المنطق ، صاحبهما الجاهل (المشار أليه في الجهل)  يمتلك معلومات بسيطة جداً ولو رُوِّض بطريقة ما  لاستقام أمره ، أما الصعب فلامناص من العدول عن جهله ، كونه صعباً مستصعباً . فكلاهما ينقصهما الفهم الصحيح للمعلومة أضافة الى أن المعلومات أتتهما بطريقة غير تراتبية ، وهذا أحدث خلطاً كبيراً في المفاهيم وشرخاً واسعاً في عملية التفكير . 
أما الأحمق الهجين الذي أتحدث عنه ، هذا أسوأ وأخطر من أولئك المذكورين اعلاه . كونه اجتمعت في راسه معلومات هجينة ، غير منظمة بسياق علمي هادف ،
معلومات جٌمعت لم تخضع للفلترة والتدقيق - (مجرد قال الفيس) أو غيره من وسائل الإعلام - ، فلذلك تخرج المعلومات والجمل مشتتة مع سيل من التعصب والتزمّت بالفكرة ،  كونها جُمعت بعشوائية وفوضوية .
وأشير الى حالة موجودة في الإختصاصات كافة و في عصرنا الحالي ، هم موجودون ، تشعر عند الحديث معهم أن الطين شيّد قصوراً ومحميات في عقولهم ، نشأوا في عالم لا يمتلك قواعد محددة بأهداف ، عالم لا يحتوي على أبواب تغلقها وتحدد المسير فيه .
ولو عدنا تأريخياً لو جدنا حتى من عارض الله ولم يقر بربوبيته خضع للنقاش والحجة ، وإن لم يؤمن .
قوله تعالى :-

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ۖ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)

لو اطلعنا على الحوار الدرامي الذي نقله القران الكريم بين إبراهيم والنمرود بالمحاججة لو جدنا أن النمرود رغم أنفته وكبريائه وسلطته ، صمت أمام الحجة التي ألقاها إبراهيم ولم ينبس ببنت شفة ، و وصفه الله (( فبهت الذي كفر )) . 
أما هؤلاء لو حاججهم ربُ إبراهيم سوف يجادلون ويصرون على عنادهم ويتصورون أنهم على حق ويقولون مالجديد في إتيان الشمس من المغرب .
يتخذون التسفيه والتسهيل طريقة بالحديث ولايعرفون "أن العقل كلما زاد نُضجُه زادت قيمة الأشياء بميزانه" .
نجد أن العناد والإصرار على الخطأ بنى حاجزاً شاهقاً بينه وبين الأعتراف بالحقيقة .
هولاء الذين ولدوا ولادة ثانية بين جدران بيوت السوشال ميديا وأزقة الفوضى . لايميّزون بين الناقة والجمل ويظنون أنهم على حق والحق منهم براء . هذه الوجوه الوهمية تختفي باختفاء عالمها المصنوع من الوهم ، ومن يعيش في الوهم سوف يقتله الوهم .
سيبقون يشعرون بالنقص وتستفزهم أيةُ كلمة صادقة تحمل بوجهها ضياء للحقيقة .

 


حيدر الموسوي 
2022/6/21

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي