loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

تأملات في التصوف (الحلاج والنفري)

breakLine

السعيد عبدالغني/ كاتب مصري


المقدمة:

 
ثمة بعد لاعقلاني لأي إنسان حتى وإن كان بعدا ليس ميتافيزقيا لقلة الإدراك والعلم بالعالم بشكل كامل والبعد اللاعقلاني ذلك يتمثل في التخييل وفي السعادة أو الألم به على حسب الإدارة الذاتية للشخص للنشاط ذلك. جميع الناس لها قدر من الحياة في المتَخيَل ولها قدر من الإيمان بمتخَيلاتها الذاتية ومتخَيَلات الآخرين وهذه التخييلات وسيلة قوية للإدراك والمعرفة والسعادة وخلق السيناريوهات المختلفة التي يتحكم فيها الشخص بالكامل ويفرد فيها ما يتوق إليه ولا أقصد باللاعقلانية خطأها أو صوابها بل ما هو مضاد للمنطق.
لذلك أقسم اللاعقلانية ل :
1.جزء له بعد ديني، أي له اعتمادية على تصورات ماورائية خارجة عن الذات
2.جزء وجودي له علاقة بالمجهول الذي يقع في إطار الذات ويمس مستقبلها أو ماضيها

المعتقدات اللاعقلانية

معنى الاعتقاد هو "المقصود بالأفكار والمعتقدات مجموعة من وجهات النظر والأفكار التي يتبناها الفرد عن نفسه وعن الآخرين ،والفرد عندما يواجه أي موقف أو حدث فإنه ينظر إليه ويتعامل معه وفق فلسفته العامة،فيشعر بالتهديد أو الطمأنينة،بالحب أو الكراهية، بالقلق أو الهدوء، بالاقبال أو الإحجام، حسب ما تمليه فلسفته العامة ووجهات نظره وتوقعاته عن الحياة وعن الاخرين"[1] 
المعتقدات اللاعقلانية يعرِفها ألبرت إليس بأنها "تلك المجموعة من الأفكار الخاطئة ،وغير المنطقية، التي تتميز بعدم موضوعيتها والمبنية على توقعات وتعميمات خاطئة، وعلى مزيج من الظن ،والتنبؤ والمبالغة ،والتهويل، بدرجة لا تتفق والإمكانات الفعلية للفرد"[2]
من هذه المعتقدات اللاعقلانية هي الاعتقاد بكون الشخص إلها أو الترميز بلسان الإله وهذا يحدث في الشعر كثيرا بالتقمص لكائنات ميثولوجية أو كائنات بشرية تراثية وذلك بسبب الوحدة النفسية فمن علامات الوحدة الخلق، من علامتها استخدام ذات أخرى للحديث، لسان اخر، لون، والوحدة التي تم المشي فيها لاخرها، توصل من هرم الوجود لعدمه.
فسيكولوجية الصوفي الذي له إنتاج لغوي والذي ليس له إنتاج لغوي غامضة لأن التجلى الذي يحدث لهم لا يمكن نقله باللغة كاملا ولا بالمجاورة وإن تم نقل جزءا زهيدا منه بالفعل فالسيكولوجية غائبة لأنه شيء ذاتي جدا فليس كل الصوفية خالقين أدبيا وشعريا. 
من السهل تصنيف الأشخاص الذين يُرمِزوا لأنفسهم بالإله بلغة شعرية أو غيرها بالجنون أو الكفر أو أي تهمة تسد الفهم المنطقي للامعقوليتهم وتفريغ سيكولوجيتهم، ومن أسباب تلك التصانيف هو الحاجة للفهم السهل في المرضنة أو التكفير فأساس التصنيف حجب معقولية المصنَف لأنها تتماس مع تهديد لاعتقادات مَن صنفه وخصوصا في مجال التصنيف بالجنون والكفر. ومن الصعب تخيل ما يجوز في نفس الشاعر بالنسبة إلى نفس بقية الناس.

خطاب الصوفية

 
التصوف خطاب لاعقلاني لأنه تجربة تعتمد على الذوق والفاعل في إثارتها الانفعال فلا تعتمد على العقل في الاستنباط ولا على تخريجه للمعرفة ولا سيطرته الكاملة أو الجزئية فالمعرفة عندهم معرفة عرفانية لذلك ممكن أن يعد أنه خطاب ضمني "إن الخطاب الصوفي خطاب غير مباشر فهو أقرب إلى الخطاب الضمني الذي يعارض الخطاب المباشر فالخطاب الضمني توليد لمستويات الأويل إلى ما لا نهاية ويمتلك كل خطاب ضمني خلفية تحيل إلى الجماعة السوسيو_ثقافية المنتجة لخطابه"[3]وينتقل هذا إلى لغتهم وصعوبتها في العلاقتين بين المتصوف واللغة وبين القارىء ولغة المتصوفة فالأول" إن هذه الصعوبات التي يعانيها المتصوف مع الكلمات هي،في نهاية التحليل صعوبات مع المنطق، فاللغة هي الوجه الآخر ،المادي للمنطق"[4] و الثاني" لغة المتصوفة شرود لا تنقاد إلا لأهلها ،كتوم لمدخراتها، ضنينة بمستوداعتها على غير السالكين سبلها."[5] 
العلاقة مع الغائب ،العلاقة مع المطلق يجب أن تكون علاقة لاعقلانية بالضرورة كون المتعالق الأول مقيد وكون المتعالق الثاني غائبا والعلاقة من طرف واحد ماديا فالمتعالق الثاني لا علاقة له بشيء كونه لا يقيد بأي رابطة.
يعزو الأمر بالترميز بالكتابة  دلاليا بالإله إلى القدرة الكلية والمعرفة الكلية أي إلى صفات المطلق فمساحة القدرة والحديث بذلك تكون لانهائية  والإمكانية لأي شيء تكون لانهائية كذلك والشاعر له نفس مأهولة بالتخييل عاجزة بالمادية عن تحقيق مجازاته بشكل واقعي ،وذلك من الاستشعار الشديد لكل شيء والتجريد الذي يربطه بالمفاهيم الأولى. فالشاعر يرتاح بالخلق وخصوصا بهذا الخلق لأن الأمر ليس تفريغا وإنما تحقيقا للذات، ونقل وعيه وتعيينه للامحدود وأسه الاحتمال لإصدار معنى مباشر أو التأشير له. ولأن ذلك سادية باطنية على الذات في تحريك الهوية وتغييرها هذه الأخيرة المحضة إلى المطلق. التعيين في قصيدة نوع من اللانهائية رغم أنها تعيين للذات في حروف محدودة فالشعر يلضم المسافات بين الغامض والمعلوم ويقدم رؤية لامنطقية ولاعلمية. لذلك كان أكبر الشاطحين شعراء بسبب قدرة اللغة على الإيهام بالقدرة الكلية وقدرة مخيلاتهم على ذلك أيضا. ” الشاعر يُجيز لنفسه كل ما يُجيزه فعل الخالق : الوحدة ، والتميز ، والفرادة "[6] وأيضا بسبب رغبة الصوفي في حالتنا بعدم التعبير بشكل كامل "وقال لي: أذنت لك في أصحابك بأوقفني، وأذنت لك في أصحابك بيا عبد، ولم آذن لك بأن تكشف عنيّ، ولا بأن تحدث كيف تراني"[7]

الحلاج

لا تفهم الأزمنة الشاعر ،لا يفهمه حاضره، لأنه يتخطى نهايات الاستكشافات المعنائية، والحلاج شاعر توحد في المعنى باللغة ودخل إلى" واقع لا يضطر فيه الشاعر أن يبتعد أو يقترب أو يواجه صعوبات وصدامات، كونه قد أصبح مالكا للوجود كله،وبعبارة أخرى, الإله الذي يقدر على فعل أي شيء"[8] ولذة الوحيد متطورة عن المادية إلى المعاني، فهي أعماق فسيولوجية ومتاهات وأمدية. والأمرعنده في الوقت والموت، وهاجس النهاية الذي يسعر الإرادة للتجريب في التقمص والتخريب للسائد الدلالي والاكتشاف في المجهول وإن كانت النهاية معلومة منها إشارات في الشهود فيزود الأمر التوق لها حتى لو كان الاكتشاف بالموت:
أقتلوني يا ثقاتي      إنّ في قتلي حياتي
ومماتي في حياتي    وحياتي في مماتي [9]
الشعر على عكس الأدب الآخر، تعبير مباشر عن الرؤى التي يعتنقها الشاعر أو الذي يؤشر لها ويرمِز لها فلا يعبر إلا عن ما يعتقده أو يفكر فيه أو يتصوره ولا يختلف شعر الشاعر الواحد إلا على مدار الزمن وفي حالة الحلاج فهو خرج من سياق صوفي ومداه "لا يمكن انتزاع الكاتب من الحاضنة الاجتماعية والثقافية التي يشتبك بها، ذلك أن أدبه يقوم بمهمة تمثيلها، وبيان موقعه فيها فلا يطرح موضوع الهوية في السرد والاعتراف بها، إلا على خلفية مركبة من الأسئلة الشخصية والجماعية، وتبادل المواقع فيما بينهما فالكاتب منبثق من سياق ثقافي ،وتجد الإشكاليات المثارة كافة في مجتمعه  درجة من الحضور في مدونته السردية"[10]والظروف التي تخلق الشاعر المتخطي الشاطح عموما أعقد وأكثر ندرة من التي تخلق أي خالق آخر. والسيكولوجية أيضا له وذلك بسبب اللاعقلانية البديهية فيه في تناول العلاقات بين الموجودات والمجردات ورغبته في أن يكون مجموع الأنوات والآخرون في التكوين كله. فبودلير يقول في هذا الشأن" الشاعر يدخل ،مت أراد، في شخصية أي كان" .كما أنه ضد الدلالات الأصولية جميعها فهو يحرك ويغير ويبدل ويهدم ويخلق التأويلات" الشاعر بوصفه خلاّقا لا " يصلح " . إنه على العكس " يهدم " من أجل الوصول إلى ما هو أجمل وأفضل. حين يكون الشعر " إصلاحا " يلغى نفسه .والشاعر ، إذا ، ليس صوت " الجمع " ، وإنما هو صوت الوجود والمعنى ، وصوت نفسه عبرهما " [11]كأنه غدة التأويلات للعالم، سلطة للتمدد لخارج الشاعر من داخله، لخارج النص من داخله، لخارج الكون من داخل المعنى.

النفري

النفري له مواقف بليغة، مجموعة من الأسفار الصوفية، مليئة بالمعاني والدلالات والأحوال مطحونة معا ومصقولة لهذا الصوفي المتفكِر الغائب بفرط ، يفنى فيها وتلتحم الألسنة الجوانية لا الشكلية ويتركز الحضور الآخر للمطلق فيه فيمارس وجوده بالحديث ،تنتهى فيها الأضداد لأنه يصير كمطلق خالقهم و تعتمد على الاتصال المباشر به، إنها رحلة بعيدة ،رحلة مقيد إلى مطلق، رحلة ضمير المتكلم الأناوي إلى لسان كل شيء. وسمى كل شذرة بوقفة وهي" مقام فناء ذات الطالب في ذات المطلوب وسميت وقفة للوقوف فيها عن الطلب.."[12]ويدلو بأوقفني أي الحق في جميعها ويتكلم الحق على لسان النفري وهنا "يتخلص من الأنا التجريبية ،أي يتخلص من جميع الإحساسات والصور الحسية ،وجميع الأفكار المجردة وعمليات الاستدلال والإرادة والمحتويات الذهنية الجزئية الأخرى.. وعندئذ تنبثق ،إلى النور الأنا الخالصة التي كانت مخبئة عادة"[13]ففي حين يعتمد الحلاج على الشطح يعتمد النفري على الوقفة وفي معنى الوقفة يدلي النفري "الوقفة نار السوى فإن أحرقته بها وإلا أحرقتك به"[14]،"قلت: معناه أن مشهد الوقفة لا يبقى معه أثر للغيرية وهذا هو معنى إحراق السوى بالوقفة، وأما إذا لم يتم المشهد فإن الوقفة تنفض السالك عنها كما تقدم فينحجب مع بقائه مع ملاحظة السوى، وذلك هو احتراقه بالسوى"[15]فالوقفة تعبير عن فناء الحدود بين الأنا والغير الإلهي وخروج الذات من السوى فالذي لا سوى له هو من يكن كل شيء.

الشطح

الشطح عند الطوسي هو (عبارة مستغرقة في وصف وجد فاض بقوته، وهاج بشدة غليانه وغلبته)[16] وهذ التطرف في الوجد يسيطر على الصوفي ولا يجعل لغته واضحة ليس لنقص المعلوم فيها بل لصعوبة الشرح فيؤشر ويرمِز والحلاج من مستخدمي الترميز بشكل كبير "وما زاده الرمز إلا مغايرة تراوح فيها الترميز بين البداهة والتقصد، فكانت المضامين لا تنكشف إلا بمقدار ولا تبين إلا بأقدار. وبين إغراب الرمز الصوفي بداهة وإغرابه قصدا تراوحت القراءات فهما وتأويلا وتدبرا كل بحسب أفقه وكفاءته" [17]فيلجأ القارىء إلى التأويل لأن القراءة النصية الحرفية توقعه في معنى مباشر سطحي وبالتالي الحكم على الشاطح، "لا يمكن تطبيق المقولات الأخلاقية ومواصفات الفضائل على الشخصيات القوية التي تطرح نفسها على بساط البحث والتي لا تسمح لمجرى الأحداث العرضي أن يؤثر فيها، بل تبدو منذ بداية حياتها منجذبة بقوة نحو هدف خاص بها تستشعره وتكتفه شيئا فشيئا ،وينتظم كل شيء إزاءه ،وهو يشكل مغزى ماهية هذه الشخصيات ومعنى مصائرها."[18]  فأصبح على عاتق القارىء من خلال معارفه وعلومه ورؤاه أن يفهم النص من خلالهم ولذلك لا تنتهي دلالات النصوص الرمزية ومنها الصوفية ، يقول فوكو" إن المسافة الكبيرة بين ما تظهره الرموز وما تحجبه وما تومئ إليه وما تستره ،  إلا أن ذلك التباعد ذاته هو ما يجعل عمليَّة التأويل ممكنة وتلك المسافة وما تتطلّبه من عنت وجهد ومن شكٍّ وتساؤل هي التي ترفع القراءة إلى مرتبة تجعلها فناً من الفنون”  والآداب الصوفية بعمومها تعتمد على الرمز لما له من بعد آخر غير واضح يكون فيه مكنون القصد" طبيعة الرمز تقوم على أساس ثنائي يجمع بين المعنى الظاهري الذي يتم الكشف عنه، عن طريق المعرفة الحسية المباشرة، والمعنى الباطني الذي يتم استكشافه عن طريق الإيحاء، والإدراك الحسي للعلاقات العميقة والخفية بين الظواهر الحسية”[19] والتأويل يختلف باختلاف القارىء ويختلف باختلاف الحالة النفسية للقارىء الواحد ويختلف باختلاف المعارف له.
"أنا الحق" هي شطحة فنت فيها الحدود ونُفِيَت بين الذات الحلاجية والإلهي وضياع الحدود ذلك تستوجبه حرية ذاتية وقدرة على التلاشي والانغماس فيه. والفناء هنا صاعد ووفي ،صاعد لأنه فناء محدود في لامحدود ووفي لأنه فناء للكل وتبديل للهوية واللسان. ولم يستغل الحلاج الفناء للتشريع مثلا أو للتحريم والتحليل بل بغرض الوجد ومن نازع الوجد وهذا يختلف بالمطلق عن من يستخدمون الله في أغراض شخصية.

القناع بالمطلق والبعد الأسطوري

تقنية القناع /الصورة الشعرية مستخدمة كأحد أشكال الرمز في الشطح ولكن القناع هنا هو المطلق والمستخدِم هو المقيد ،كمحاولة منه للتمزق لكي يكون غيره، والغير هنا هو الكلي بما فيه هو. فالحلاج أو النفري تهيؤ محلوم للمطلق، كل شيء في يده طيع له ، كل شيء مدرَكة ماهيته، كل شيء نيء للمجاز والكتابة. فالمطلق أكبر حلم ممكن للصوفي وأكبر حلم ممكن للشاعر. والاستدعاء من التراث والأزل ولكن القناع هذا أكثر الأقنعة فرادة وتأويلا فحمولة القناع طاقة مأهولة فالمطلق" مقولة فلسفية غير مشروطة، غير نسبية ومستقلة،تدل على اللاتناهي واللامحدودية، وهو لا يتوقف على شيء آخر عدا نفسه ، يخلقالخلق بمعنى التقدير والإيجادكل الوجود وهو على كل شيء قدير[20] والحكم بالمنطقية على الشِعر حكم متعسف كون الشعر رؤيا متعدية للمنطق ونافذة ماورائه " "فالشاعر الحق لا يعبر عن تجربته الخاصة بل يعبر عن المقدس ويعبر إليه ويسمي الوجود في ماهيته على نحو قدري ،وبذلك تنمحي الذات إزاء الوجود ،وينسحب الشاعر كتجربة ذاتية وكمقام تلفظي إزاء شعر اللغة"[21]ويمكن وضع طواسين الحلاج ومواقف النفري في إطار قصائد الرؤيا أو نثر الرؤيا" القصيدة الرؤيا :قراءة جديدة لتاريخ الإنسان في الكون أو رؤية جديدة للوضعية الإنسانية ،تفترض إبداع منظومة من القيم، والعلاقات، عن طريق خلق رموز أو صورة تخترق الانقطاعات الراهنة ،بجذورها النفسية ،والتاريخية، والكونية، كما تنهض بالخاص إلى شرفة العام"[22]فهم يأخذون حمولة الرمز ويوظفوها بشكل مغاير أسطوري "هذا التركيب لنسق لغة الشعر مع نسق الرمز أو الأسطورة، يؤسس لتراتبية لغوية "عبر خلق تشاكلية جزئية بين مجموعة من العلامات، وأخرى من المحتويات للغتين متباينتين على التوالي"، من  هنا نرى الأسطورة لا تلبث أن تندمج في لغة الشاعر ،وتصبح مبدأ بنويا مؤسسا لشعريته عبر فعل إيحائي متبادل، توحي منه الأولى إلى الثانية عبر تحميلها بقيم دلالية إضافية بينما توحي الثانية منه إلى الأولى عبر التذكير بها ،وبين هذه وتلك جهد مشترك في إقامة وظائف التفكير والتعبير والتواصل"[23]
فبالتالي يحصل على دلالات لغتين لغة الشعر ولغة الأسطورة.
المطلق، ليس منطقة لغة
والكائن المستَدعى هو المطلق الإسلامي بشكل تحدثي عن ذاته مع بعض التفاعل مع أشكال الأسطورة الإسلامية مثل طاسين إبليس الذي يتحدث فيه عن إبليس والطرد بنظرة مغايرة. والتفاعل والعلاقة بينه وبين الذات التى تتدرج لكي تكوِنه والأداة المتبعة الخارجية اللغة والأداة الجوانية الوجد وهذه المنطقة أي منطقة المطلق، ليست منطقة لغة، فالحديث عن نفس المطلق أو عنه بشكل موسع تنتفي فيها اللغة بشكل شبه كامل بأساليبها التعبيرية والتصويرية ففي النشوة تخف اللغة وتنعدم وإن ظهرت تظهر اللغة التجريدية وهذا يظهر في لغة النفري والحلاج "يمكن فهم اللغة التجريدية بأنها اتجاه عميق نحو صور خالصة ومجردة وكلية لموضوعات الأدب وعوالم الجمال والشعور والاحساس والمعنى ،التي تعصف بنفس الشاعر وتلهمه"[24] الكتابة بهذه الطريقة التي لا يمكن أن تُعَلَم لا بالتدريس ولا بالتقليد ولا بالتأمل فهي أصالة صعبة للغاية وربما تغوي لأكثر المواضيع تلغيزا لكي تحقق ذاتها وهي الكتابة للمطلق وعنه وبلسانه وتقنع بقدرته على ذلك حيث كل الأشياء أمامه طيعة. فاللغة التجريدية ليست لغة يومية بالمقارنة مع اللغة السائدة في الكتابة ،تحمل أفق دلالي ضخم جدا وممكن أن يُكوِن هذا الأفق صعوبة في التعيين للفهم لذلك توصف بالغرابة. 
يقول النفري " كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة" يتحدث النفري عن اتساع محل الرؤية فى المشاهدة الباطنية، اتساع أرض المعاني في الرائي والمرئي. وأن اللغة محدودة بطبيعتها ففي الشهود لا توجد لغة لأنه لا توجد حاجة للتواصل لا مع المشَاهد ولا مع الذات حتى فكفايته الكاملة في المشاهدة فقط ولا توجد مشابهة لما يتم شهوده مع أي معرفة سابقة ولكن بما أن الشهود لا يدوم فيُؤشر ويُرمز ويُجرد.
 
 

المراجع:

1.elias,A &abrams,M(1994):rational behavior therapy in the treatment of stress management,british journal of guidance &counseling,vol 22 issue
2.أحمد ليلى،العلاقة بين المعتقدات اللاعقلانية وصحة الفرد،مجلة تطوير العلوم الاجتماعية ص150
3.أحمد الطريبق،الخطاب وخطاب الحقيقة،مبحث في لغة الإشارة لصوفية،مجلة فكر ونقد العد 40 ص65
4.جلجال عبدالقادر،العقلانية واللاعقلانية التصوف أنموذجا،مجلة متون،العدد الرابع ص183
5.الساسي عمامرة،الخطاب الصوفي وإشكالاته التواصليةالطريقة التجانية أنموذجا
6.أدونيس ،رأس اللغة ، جسم الصحراء
7. النفري،المواقف،ص107
8.جنبلاط الغرابي،الازدواجية الوجدانية في سيكولوجية الشاعر
9..ديوان الحلاج 
10. عبدالله إبراهيم،السرد،والاعتراف،والهوية،المؤسسة العربية للدراسات والنشر،لبنان 2011
11.أدونيس ،رأس اللغة،جسم الصحراء
12. عفيف الدين التلمساني،شرح مواقف النفري،الهيئة المصرية للكتب ص 115
13. .ولتر ستيس،التصوف والفلسفة ترجمة أ.د.إمام عبدالفتاح ص 203
14. النفري،المواقف والمخاطبات،ص10
15. عفيف الدين التلمساني،شرح مواقف النفري،مركز المحروسة ص117
16.اللمع ص 453
17.أ.أسماء خوالدية،تأويل الخطاب الصوفي متراوحا بين الإبانة والطلسمة الحلاج نموذجا،مجلة فتوحات جوان 2015 ص 166
18.روجيه أرنالديز،الحلاج،السعي للمطلق ص16
19.خلود ترمانيني ، الإيقاع  اللغوي في الشعر العربي الحديث، مخطوطة جامعة حلب، إشراف الدكتور أحمد زياد محبك، ص281.
20.جميل صليبا،المعجم الفلسفي،ص39
21..أ.عمرون مليكة،الانفتاح الشعري للوجودهولدرلين وهيدجر
22.خالدة سعيد،حركية الإبداع،دار العودة،بيروت ص 190
23.عيادي خالد،النص الشعري بين مدلولي الأسطورة التقريري والايحائي
24.د.أنور غني الموسوي،التجريدية في الكتابة ص33.

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي