loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

فينومينولوجيا العشق

breakLine

 

محمَّدحسين الرفاعي / مفكر عراقي

 

[V]
فينومينولوجيا العشق
وقد صارَ نصَّاً

في التساؤل عن "كلام محمَّد.. رؤى محمَّد" لعبدالكريم سروش

[I]
إنَّ ثُلاثيَّة [الاِنفتاح- الاِنكشاف- الاِنصهار] تَمثُلُ على هيئة وحي في روح محمَّدٍ، لأنَّ ما من شأنه أن يجعل محمَّدٌ نبيَّاً إنَّما هو من شأنه أن يتألَّه. إنَّ محمَّدًا، بعد أن اِنفتح، في كليَّتِهِ، على الله، في أقصى إمكان له؛ في ضربِ اِنفتاح من أجل الإنسان، وفي مثول الله في محمَّدٍ، ضمن [إنسانية- الإنسان] التي لمحمَّدٍ بوصفه بشرًا، قد اِنصهرَ (محمَّدٌ) بالله، في بوتقة العشق. وهكذا، فإنَّ الوحيَ في هذه الحالة- أي من حيثُ إنَّ محمَّدًا قد ظفر بثُلاثيَّة العشق: [الاِنفتاح- الاِنكشاف- الاِنصهار]- على الرَّغْمِ مِنْ أنَّه ليس خطابًا، كما ذهب إلى ذلك محمَّد عابد الجابري، ومحمد آركون، ونصر حامد أبو زيد،... وآخرون من الفكر الإسلامي بعامَّةٍ (سواء مَن اِنطلق مِن الفكر الإسلامي بوصفه أرضيَّة إبستيمولوجيَّة للتفكير، أو من أخذ موضوعات الفكر الإسلامي إلى البحث العلميّ الحديث)؛ ومن جهة أن الله لا يتكلم، بل يريد أن يأتي إلى مستوى الكَلِم، فإنَّه، أي الوحيُ، يُصبح رؤيا. وتُصبِح الرؤيا، بتأليف محمَّدٍ، كلامَ الله. ولكن، ما هو التبرير الفلسفي- العلميِّ (الإبستيمولوجيّ) لذلك؟
[II]
إنَّه يتدرج على النحو الآتي: 
I- كل القرآن يُؤخَذُ بوصفه نتاجَ رؤيا محمَّد، بواسطة الثُلاثيَّة. 
II- الصور الرَّمزيَّة في القرآن تثبت ذلك، وتسوِّغُ -I-.
III- نظرية الرؤيا بوصفها نظرية كُلِّيَّة، أي تلك النظريَّة التي تتضمَّنُ، في مكوِّناتها الموضوعيَّة (من الموضوع لا الموضوعيَّة الحديثة)، إمكانَ أن تفسِّرَ كل آيات القرآن، تُصبِح النظريَّةَ التي تتوفَّر على إمكان بناء أرضيَّة جديدة، أفق فهمٍ جديد، لتناول القرآن من حيثُ إنَّه كلٌّ ناتج عن كُلِّيَّةٍ في ماهيتها تقوم على رؤيائيَّةِ الرؤيا وتتحدَّد بها.
IV- وإنَّ الرؤيا، من جهة كونها معرفة تقوم على أرضيَّة غير تلك التي للعقلانية الحديثة، والعقليَّة البشرية (المنطقيَّة) بعامَّةٍ، هي معرفة تتوفَّر على إمكان تضمُّن- ومن بَعدُ مَوضَعَةِ Objectivation التناقض في ذاتها؛ فتتصيَّرُ متناقضةً بذاتها. إنَّ الرؤيا كُلِّيَّةُ الكُلِّيِّ من جهة كونها كُلَّ الكُلِّيَّة. أي هي تلك التي- متى أُخِذَت من روحانيَّةِ التجربة الروحيَّةِ لمحمَّدٍ- تجعل من كليَّةِ الكُلِّيِّ ضربًا من الاِستجابة لنداء الرُّوح. وهكذا، تُصبِح المَوْضَعَة في الرُّوح، لا في الأمام إزاء العقل. 
[III]
تؤكد ذلك نظريَّةُ توشيهيكو إيزوتسو، في "الله والإنسان في القرآن- علم دلالة الرؤية القرآنية للعالَم" بمفادها أنَّ القرآنَ لم يأتِ بشيء جديد، وكل المفاهيم والمصطلحات فيه كانت موجودة قبله. بَيْدَ أنَّ ما فعله القرآن تمثّل في أنه وضعَ داخل كل ما كان موجودًا قَبليَّاً كثافةَ معنىً جديدة، في علاقات جديدة بموضوعات قديمة في العالَم، وبتوسُّط هذه الموضوعات. 
[IV]
إنَّ القرآنَ من جهة كونه إشارات عصبيةNerves Signals  في ذهن (دِماغ) النبي، من روحٍ قد تروَّحت بالله، وقد صار فيها، لم يأتِ إلى اللُّغة إلاَّ بتأليف وتنظيم تلك الإشارات العصبية، ضمن اللُّغة بوصفها، بعدَ مارتن هايدغر، روحَ الكينونة (بيتَ الكينونة)، من قِبَلِ محمَّد. إنَّ محمَّدًا مؤلِّفُ القرآن، متى أُخذت الإشارات تلك من عالم الرؤيا، وفرادته. وإنَّ فرادةَ عالَم الرؤيا تشتمل على معنى التناقض البنيوي فيها. إنَّ محمَّدًا، والحال هذي، هو الذي كان قد أنتج، وقد اِستمر يُنتج الوحي. فإنَّ الوحيَ قد كان داخل محمَّد، وأصبح إشاراتٍ فغدا تنظيماً داخل حقل اللُّغة المُتوفَّر عليها قبليَّاً لدى محمَّد. أي لغة المفهومات القَبليَّة؛ لكن على تذوُّتِ محمَّدٍ بالله.  
[V]
إنَّ النبي لم يأتِ بلفظٍ- كلمة جديدة، بل كل ما فعله ينتمي إلى أنَّه أخذ التصوُّرات التي كانت بحوزته إلى مستوى مصاديق جديدة (أو تجسُّدات جديدة وفقاً للزمان والمكان)، عَبرَ تروُّح Spiritualization جديد كُلِّيَّاً. وذلك لم يكن صادقًا على النبي إلاَّ لأنه كان في الله، والله كان فيه. إنَّ ما كانه الله كانه محمَّدٌ؛ ولم يستقل محمَّدٌ عن الله إلاَّ عَبرَ وحدة بينهما في حقل اِختلاف واحد. إنَّ الله كان يريد أن يكون، لكنَّهُ لم يتجسد، فأخذ يتروَّحَ (من الرُّوح). لم يكن الله يفكر بمحمد أي بواسطتِهِ وبوساطته، بل كان يفكر في (داخل) محمَّد، ومن محمَّد. إنَّ محمَّدًا في كُليَّتِهِ صار الله، وإنَّ الله في كُليَّتِهِ صار محمَّدًا. ولكن، أيعني ذلك أن ثَمَّةَ وحدة أُنطولوجيَّة قد قامت بمحمَّدٍ من حيثُ إنَّه قد صارَ العشق ذاتَه؟ وعلى أيِّ نحوٍ يكون ذلك؟ 
[VI]
إنَّ [مِن- محمَّدٍ]، و[في- محمَّدٍ]، و[بـ- محمَّدٍ] ليست ظروفًا ولا هي تموضعات- مُوْضِعَات Objectivations داخل الزمان، والمكان فحسبُ؛ إنَّما هي حيثيات أُنطولوجية تختلف، أشدَّ الاِختلاف، عن ذلك، وعن بعضها البعض. متى أُخِذَ الوحي من [في] فإنَّ ذلك يجعل منه بنَّاءَ عالَمٍ قائمٍ بحدِّ ذاتِهِ هو عالَم الرُّوح؛ وقد صار تجربَةً متحقِّقةً تاريخيَّاً. صار ذلك وحدث، لأنَّ، وفقط لأنَّ، التصيُّرَ في الرُّوح، روح محمَّدٍ. من أجل أنَّه، أي مِن [في]، نصَّبَ ذاتَهُ على هيئة وحيٍ. وقد أخَذَتْ الهيئةُ هذه، من حيثُ إنَّها مضمونَ الرُّوح الذي أتى إلى محمَّدٍ، تتشكَّل كونها تتصيَّر؛ أي تتوفَّرُ على صيرورة محمَّدٍ، بها، وفيها، ومنها، ولها. 
في الحال هذه، أين، وبواسطة ماذا أصبحَ العشقُ في روحِ محمَّدٍ وَحْيًا؟ إنَّ ذلك يتوفَّر على قِوامة من الاِمتلاء بالله عَبرَ تجربة روحية فذة في حقل الله الذي يأتي من الداخل. الداخل الذي، بعد فريدريش شلايرماخر، وفيلْهِلْم دلتاي، لا يبدأ ولا ينتهي؛ لأنَّ الفهم لا ينتهي. أو بعبارة مُحكمة: حينما صار الداخل والخارج واحدًا؛ ولم يكن ذلك ممكنًا من دون أقصى إمكان المحبَّةِ، أي العشق.

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي