loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

قراءة في رواية" عوالم موازية" للكاتب ماهر مجيد إبراهيم

breakLine
2022-06-07

 

منال هاني/ كاتبة سورية

،، 
تحيرت كثيرا في اللغة أو الطريقة التي سأتناول بها دراستي حول هذه الرواية وسأختصر عنونة المقدمة بعبارة قد تبدو دعائية للبعض إلا أنها استحقاق وجب علي طرحه ، ومختصر العبارة : كلما تقدمت في القراءة وإنهاء الرواية ، تمنيت أن تمتد أكثر فأكثر..وهذا للكم الهائل من المعلومات والمعرفة التي جد الكاتب وأوغل في تقصيها للإدلاء بها والسعي لإيصال صرخته الشخصية في ظاهرها والجمعية في تأصلها فالرواية هي أشبه بصرخة في وجه كل الظلم والسواد الذي يحيط بعالمنا وبذرة أمل تشق طريقها صعودا عبر طبقات من التشاؤم قد تبدو لانهائية، ولكن البذرة مصيرها النمو في وجود بصيص من الأمل وُجد مع وجودنا الاول على هذا الأرض كحبل مشيمة لم تقطعه الأمكنة والأزمنة والأزمات..
سأتناول البحث على مرحلتين أو من زاويتين
خارجية وداخلية ..ولنبدأ من الخارج لانه مدخل للعمق ، يبدو أن الكاتب كتب بحبر عتيق جدا وغامق جدا لدرجة أن الأحداث بدت معتمة من بدايتها  وشديدة التشاؤم على مدار الرواية وحتى نهايتها التي تحمل مدلولين من وجهة نظري يعتمد كل مدلول على نظرة المتلقي وتحليله وعمق ارتباطه بالفكرة الأصل وإيمانه بماجاء بها ، ولكن الخبر ينطلق بنا من الخارج إلى جذورنا التي تشبه تربة ينمو عليها الضار والنافع، تناول الكاتب في فكرته العامة أن الإنسان مهما خلع عنه عباءة انتماءه إلا أن هذا الانتماء سيتضح في تصاعد الأحداث وحين الحاجة أنه يغفو تحتإاهابنا فلايمكن التجرد منه إلا بتجردنا من عقلانيتنا الأولى التي جبلنا عليها،،
إن فكرة الإصلاح وإعادة توازن الحياة وترجيح كفة الخير هي المتكأ الأول الذي سعى الكاتب بفطرته بناء احداث رواية متسلسلة بعناية وتصاعد زمني ثابت ومسترسل بواقعية دون تشابكات وتقاطعات في سيناريو الأحداث مماتتصف به الأساليب البوليسية التي تستفز وعي المتلقي واستنتاجاته بل تدفعنا هنا إلى الاستمرار في القراءة لمعرفة التالي فالتالي وحتى النهاية ، وقد أسبغ الكاتب واتقن السرد بحكمة واعتدال دون المساس بضجر أو حشو لاطائل منه فقط لكسب الوقت، فكل كلمة وضعت بترتيب فائق متناغمة مع تصاعد الفكرة التي ترتكز عليها والتعمق في طرحها والتشعب في دلالتها ومحاورها عبر لسان البطلة بشكل خاص ومن خلال حديثها مع ذاتها أو حوار مع ذوات هامشية في تسلسل الأحداث وانما وجدت لدعم الفكرة وبلورة الحكاية ،وذلك في خط متوازٍ مع تتابع التطورات والمراحل التي مرت بها لتخدم في مجملها الفكرة الأصل وهي وجودية الانتماء في النفس البشرية وحضور الغيبيات طوعا أو فرضا من الأحداث إنما هو حاجة يستند عليها أكثر الأشخاص عملية وإيمانا بالعلم وحده ، وهنا ساقتبس عبارة قد تمثل بشكل أو بآخر أحد أهم مرتكزات الفكرة وهي( عدم معرفتك بالشيء لايعني عدم وجوده) في دلالة لأهمية الغيبيات ودورها في سير حياتنا ، الأسلوب الكلاسيكي المحبب والذي يعرّف بدقة معنى السهل الممتنع في تناول السرد وتوالي الأحداث...
أما المحور الأعمق والذي يدخل في عمق تفاصيل الرواية فنحن أمام احداث تجعل القاريء من الوهلة الأولى يتجه اليقين إنها قصة حقيقية مع بعض الاضافات الحكواتية من خلال دقة التفاصيل وواقعيتها وطريقة تقديمها وتقدمها..
بطلة الرواية هي من وجهة نظري رمزية عالية في عمقها لرغبة الكاتب ورغبة الفكر الجمعي السليم والخيّر في النهوض بوطن عاثت به الأطماع فسادا ومزقته شر تمزيق حتى يظن القاريء ( وهنا تحديدا تظهر السبغة التشاؤمية على طول الرواية) بأن العراق بلد مرعب لايمكن العيش به إلا بخوف ورعب ويأس رغم أنني أخالف الكاتب في هذا ولكنني على يقين أن له مبتغى من هذه التشاؤمية لتخديم الفكرة وإيصال الرسالة المبتغاة، هذه الرمزية التي مثلتها البطلة هي أيضا دعوة ورسالة أمل من جهة أخرى (على ضآلتها أمام التشاؤم) بأن مهما طال الظلم ومهما عم الفساد فإنه في المقابل يوجد أيادٍ خيرة محبة وطنية تبذل الغالي والنفيس لاجل الوطن وحده لاسواه.
قد تبدو بعض الأحداث بعيدة عن الواقعية أو القبول للعلميين والذين يصدقون العلم وحده وذلك لتداخل الغيبيات وتدخلها في إحداث تغييرات لايمكن لحواس الإنسان العادي تقصيها أو عبور عتبة الإدراك بها وذلك ليس من وجهة نظري لترسيخ فكرة الغيبيات أو الدعوة لها وانما لفكرة أبعد وأعمق وهي أن الإنسان مهما علا وتقدم فلن يستطيع مجاراة صنعة الخالق ومعاندة القدر المكتوب والتلاعب بسبل الإنصاف والعدل التي هي مصير ونهاية كل الأقدار.. فالغيبيات هنا ليست سوى دلالة أكثر من كونها فكرة للتداول أو التصديق ، دلالة أهمية الجانب الروحي والعاطفي وإيمان الإنسان بنفسه وبمقدرته على إحداث فرق في الحياة جنبا إلى جنب مع العمل والسعي والتخطيط فهذا اليقين بمقدرتنا الداخلية هو مصدر الطاقة التي تزودنا بها ارواحنا للإستمرار في العمل والسعي لتحقيق الافضل في حياة الإنسان وهذا يتجلى واضحا في المشهد الاخير ( بعيدا عن تفاصيله السردية ) فحين يفقد الانسان كل وسائل الدعم والمساندة ويتجرد من أسلحته التي يواجه بها المحيط فإنه لا يفقد جذوة الأمل والايمان بإمكانيته في إحداث فرق وتحقيق العدل على مستوى المجتمع فيتابع السعي والتجدد مرارا وتكرارا والنهوض في كل مرة يقع بها وهذا هو الدور المهم للجانب الروحاني والغيبي الذي أطلقته الرواية..
عوالم موازية العنوان السلس والمعبر ببساطة ودون مخاتلات عن عمق الرواية وفكرتها في ٤٠٠ صفحة من أحداث وتواريخ واسماء ومواقع تغني معرفتنا إضافة لاحداث الرواية التي أعادت الأذهان مجد الكلاسيكية وحضورها البراق في خضم التيارات الحداثية في الكتابة . هي حتما ممتعة لعشاق الغيبيات والغموض وملهمة للعلميين من خلال تصحيح الزاوية التي نرى بها العالم ونعالج بها الأحداث والمحيط من حولنا..فكل شيء وهم حتى يثبت العكس وليس عدم معرفتنا بالشيء يعني أنه غير موجود..

 

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي