loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

قراءة لعبد الهادي الطعان في مشروع ألتوسير الفلسفي

breakLine

 


د .عبد الهادي الطعان / كاتب عراقي

 

 
على حد علمي أن هذا أول كتاب، برأسه، يكتب باللغة العربية عن الفيلسوف الماركسي الفرنسي الكبير لويس ألتوسير (١٩١٨ - ١٩٩٠) الذي يعد واحداً من أعظم فلاسفة النصف الثاني من القرن العشرين، كل ما كُتب عن هذا الفيلسوف الاستثنائي باللغة العربية ، مجرد مقالات صحفية وبحوث أكاديمية هنا وهناك .
بذل المؤلف الدكتور حيدر دوشي Hayder Haider Doshi جهدا ضخماً في البحث والمناقشة والاستقصاء للمرجعيات المعرفية والفكرية لهذا الفيلسوف. لقد قدم  الدكتور حيدر كشفا عن أشد جوانب فكر ألتوسير أهمية، بل أكثر مهامه الفلسفية مجازفة، وهي محاولة ألتوسير المتفردة لقراءة إرث ماركس على أسس معرفية /أبستمولوجية تخلصه من شوائب الفهم الأيديولوجي اللصيق به من خلال القطع الأبستمولوجي بين مرحلة ماركس الشاب في (مخطوطات ١٨٤٤ الاقتصادية والفلسفية ومرحلة ماركس الناضج في (رأس المال) ، وهو عمل صعب وشاق بسبب ضخامة المشروع الفلسفي لألتوسير وتعدد مصادره وتنوعها وتشعبها .
يقول ألتوسير  :" لقد كنا جميعا في قلب معارك الحركة العمالية وكان كل طموحنا أن نصبح ماركسيين في وقت لم يكن من السهل على المرء أن يكون ماركسيا وأن يجد نفسه من جديد في قلب النظرية الماركسية... ذلك أن الدوغمائية السابقة حافظت على استمرارها بفضل اللغو الفلسفي "الماركسي" حول الإنسان، وبما أن هذا اللغو يعتمد حرفيا على كتابات ماركس الشاب فقد كان من الضروري العودة لماركس بوضوح في فكر ملبد بتجارب التاريخ".
حاول ألتوسير في قراءته المختلفة للماركسية أن يعيد لماركس قيمته العلمية وروحه الحية التي وجدها في (رأس المال) والتي غابت في خضم تراكم القراءات ذات البعد الإيديولوجي الحزبي الصارم بنسختها الستالينية المدرسانية المشوهة... كان ألتوسير يقول عن الماركسية في عهد ستالين :" أعتقد أن الخداع الفلسفي قد سبب للاتحاد السوفيتي خسائر فادحة. لا أعتقد أننا نبالغ إذا قلنا أن أن الإستراتيجية السياسية لستالين وكل التراجيديا الستالينية كانت، جزئيا، مبنية على" المادية الديالكتيكية "، بشاعة فلسفية مصممة لشرعنة النظام ولتخدم كضمان نظري - تفرض بقوة على التفكير " . ولهذا تصدى ألتوسير لكل القراءت الدوغمائية التي شوهت فكر ماركس وحنطته بمفاهيم آيديولوجية حزبية ستالينية جامدة... " وهكذا فعوض التخريب الذي كان يتعرض له فكر ماركس، بدا لي من الضروري التأكيد على فكرة بسيطة، الخاصية الخارقة والثورية لهذا الفكر... إن هذا الاكتشاف الجديد، هذا الاختلاف الجذري لماركس الثوري في النظرية والممارسة هو ما كنت أسعى إلى التعريف به، بل إلى التمكين من ادراكه ومن فهمه ". يمكن القول أن مؤلقات ماركس الشاب، سيما المخطوطات ١٨٤٤، أو كل المؤلفات التي سبقت (رأس المال)، على وفق قراءة ألتوسير، إنما هي مجرد تمرينات أولية من أجل الوصول إلى مرحلة النضج والعلمية التي توجت في كتاب ماركس العمدة (رأس المال). ومن هنا أن ماركس لم يكن ماركسيا حقيقيًا إلا في رأس المال) وأن كل أعماله تقاس على وفق هذا الكتاب، حسب ألتوسير.
من الملاحظ، لم أجد في مصادر الدكتور حيدر، كتاب المفكر الماركسي السوري الكبير صادق جلال العظم (دفاعاً عن المادية والتاريخ) الذى  يتضمن فيه حوارا مطولا مع العظم عن قراءة ألتوسير لماركس، في هذا الحوار المهم هناك العديد من الآراء النقدية التي وجهها العظم بكل ثقة واقتدار لألتوسير، فاستشكل عليه ببعض النقاط المهمة وفند الكثير أفكار ألتوسير  قراءته لماركس وبطريقة علمية واثقة وجريئة. 
ويذكر أن ألتوسير لم يكن هو أول من كتب في هذا النهج، فقد سبقه إلى ذلك مواطنه الفرنسي لوسيان سيباغ في كتابه (الماركسية البنيوية) الذي تميزت مقاربته بالراديكالية، فقد طغى على هذه القراءة الجانب البنيوي الصارم، فانكر العامل الاقتصادي الذي هو المحرك الأساس للتاريخ حسب المفهوم الماركسي..
وقد امتدح الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو منجز ألتوسير ورفاقه، حين قال في أحد حواراته ".... كما يقوم الآن بذلك، داخل الحزب الشيوعي، ألتوسير ورفاقه الشجعان، الذين يناضلون ضد" النزعة الشاردانية - الماركسية ".

 

 

 

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي