قصة الراس المقدس

د. علي موسى الموسوي

اينعت كلمة الله في فكر الامام الحسين (عليه السلام) نوراً سرمدياً وعبقاً ايمانياً فعشعشت على نهجه التوحيدي اخلاصاً نقياً وعلى اقتدائه الرسالي فتحاً علياً وامتدَّ جهاده الروحي فداءً حياً وميتاً ناطقاً على القنا باسلاً علوياً, وفي ذلك سرٌ من الاسرار الالهية حيث انه راس مميز عن البدن ويتكلم امام الملأ بصوت واضح مسموع تنبهر منه العقول وتنصدع له القلوب. وراس الحسين خيب آمال يزيد وقلب عليه الموازين, كان يظن انه الغالب واذا به هو المغلوب المخذول وكان يظن انه القاتل المنتصر واذا به هو المقتول المندحر

تالله ما قتل الحسين يزيدهم  لكنما قتل الحسين يزيدا ان قطع الرأس علامة على انتهاء الحياة بشكل تام فلا سبيل لولوج الحياة بين الجزئين المقطوعين غير ان معجزة وقعت في هذه الرؤوس إذ توهجت ونطقت كأنها لم يصبها شيئ باذن الله وهنا وقعت الكرامة.

وحل رأس الحسين بعد ان طاف به الامويون ومعه بقية رؤوس الشهداء والسبايا والاسارى من رحلِ آل محمد (ص) من كوفة العراق الى دمشق الشام ومصر والحجاز حتى وصلوا به مدينة رسول الله وعلى هذه الاحتمالات تعددت الاماكن واختلفت في تحديد مدفنه, فقيل انه دفن في كربلاء ونه اعيد ضم الرأس الى البدن وهذا احتمال مشهور, وهناك احتمال ابعد انه دفن في النجف الاشرف الى جانب والده امير المؤمنين الى جهة راسه الشريف, وقيل انه دفن في مصر وهذا ما يزعمه اهلها لوجود مقام يزورونه ويتبركون به.

وللعلامة محمود قانصو في هذا استنتاج لدفن راس الامام الحسين (ع) وهو ان الامويين برئاسة يزيد بن معاوية قد تعمدوا الى اخفاء الحقيقة وتمويهها فبعثوا برؤوس كثيرة فكانت كل قبيلة وصل اليها راس تتخيل انه راس الحسين (ع) ولاجل ذلك تعددت الاقوال في موضع دفن الراس الشريف.

روي عن زيد بن الارقم انه قال مر راس الحسين (ع) عليَّ وهو على رمح وانا في غرفة لي فلما حاذاني سمعته يقرأ: (ام حسبتم ان اصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا) فوقف والله شعري وقلت والله ياابن رسول الله راسك اعجب واعجب. ومن هذه الكرامات هو ذلك النور الالهي الذي كان يحمله هذا الراس المقدس.
وفي طريقهم الى الشام واصل راس الامام (ع) اشعاعه النوراني وبينما هم يسيرون إذ جن عليهم الليل فنزلوا عند رجل من اليهود فلما شربوا وسكروا قالوا له عندنا راس الحسين فقال لهم: اروني اياه فاروه الراس بصندوق يسطع منه النور الى السماء فعجب اليهودي واستودعه منهم فاودعوه عنده فقال اليهودي للراس ان يشفع له عند جده فجمع اليهودي اقرباءه ثم اخذ الراس ووضعه في طشت وصب عليه ماء الورد وطرح فيه الكافور والمسك والعنبر ثم قال لاولاده واقرباءه هذا راس ابن بنت محمد, ثم قال والهفاه لم اجد جدك محمداً اسلم على يديه واقاتل دونك لهفي لراسك فوق مسلوب القنا يكسوه من انوارهِ جلبابا يتلو الكتاب على السنان وانما رفعوا به فوق السنان كتابا