مقالات ادبية واجتماعية وفنية
جودت هوشيار || كاتب عراقي
وأخيرا – بعد صمت دام خمس سنوات – نشر الروائي التركي أورهان باموك روايته الجديدة " ليالي الطاعون " . صدرت الرواية في تركيا في مارس 2021 ، وترجمت على الفور الى اللغات الأجنبية ، إلى الإنجليزية والروسية أولا ، ثم الى عدة لغات أخرى .
تبدو الرواية للوهلة الأولى وكأنها كتبت عن أيامنا هذه ، وعن الجائحة الحالية ، التي غيّرت اسلوب حياة الناس على كوكبنا ، ويدفعنا ذك إلى مقارنة جائحة كورونا بوباء الطاعون في بداية القرن العشرين ، الذي تتحدث عنه" ليالي الطاعون " . ولكن هذا إنطباع سطحي خادع .
بدأ العمل في الرواية عام 2016 . ويؤكد باموق ان فكرة الرواية راودته منذ أكثر من ثلاثين عاما .لذا فإن ظهور الرواية في أيام جائحة كورونا مجرد صدفة ، وأضفى على الرواية مسحة جديدة دون أن تمس عمقها الحقيقي ؟ .
ليالي الطاعون" رواية تاريخية - بوليسية مشبعة بأجواء الحكايات الشعبية الشرقية . إنها رواية تجمع بين الموضوعات الأكثر إثارة للجدل: الحب والسياسة ، والدين والطاعون ، والشرق والغرب ، "ليالي الطاعون" لا تغمر القارئ في الماضي البعيد فحسب ، بل تضيء يومنا الحاضر بلا رحمة..
تجري أحداث الرواية في جزيرة متوسطية صغيرة يسكنها خليط من السكان اليونانيين (الأرثوذكس) والأتراك ( المسلمين) . تضطرب حياة الجنة الهادئة مع ظهور مرض رهيب - الطاعون.
يمكننا القول أن باموق يكتب بصراحة عن تاريخ وسياسة بلده ، وهذا ما يساعده على اكتساب الاعتراف الأدبي العالمي ، فهو يتحدث عن المناطق الرمادية بين ثنائيات الشرق والغرب ، وبين الحديث و التقليدي ، ما يجعله كاتبا متفردا ورائجاً .
مسرح تلك التعارضات الثنائية هو جزيرة " مينغر " العثمانية الوهمية ، الواقعة في مكان ما بين جزيرة كريت ورودس . وتجري احداث الرواية في عام 1901 . وفي ذلك الوقت ، كان قد مضى خمسة وعشرين عاما على تسلم السلطان عبد الحميد الثاني لمقاليد الحكم . وعلى الرغم من الخسائر الإقليمية الفادحة ، وإفلاس الإمبراطورية، إلا أن نظامه المتخلف ظل راسخا . .
عندما وصلت الشائعات بإنتشار وباء الطاعون في الجزيرة الى العاصمة ، أوفد السلطان أحد العلماء المفضلين لديه، وهو الكيمياوي والصيدلي بونكوفسكي باشا إلى الجزيرة لتقصي الحقائق ومعالجة الأمر . ولكن سرعان ما يتم العثور على جثة بونكوفسكي باشا في أحد الأزقة .
هل هذه جريمة قتل عشوائية، وإن كانت مأساوية ؟، أم أنها انتقام من الطاعون، وأغلب الظن ، إن القاتل هو أحد سكان الجزيرة ، الذي اعتقد أنه لا يمكن أن يصل الطاعون إلى الجزيرة المعزولة ، إلا عن طريق السفينة التي جلبت الكيميائي؟
وكالعادة مع ظهور أي رواية جديدة لباموق ، يثار الجدل حول أفكار الكاتب ، الذي ينسف بلا رحمة أساطير الإمبراطورية المنهارة ، الراسخة في أذهان القوميين الأتراك .
...........................
الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-
او تحميل تطبيق نخيل
للأندرويد على الرابط التالي
لاجهزة الايفون
او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي