loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

مقال حول الموت

breakLine

 

علي المرهج | أكاديمي عراقي

 

 

إختار سقراط الموت لأنه وجد في موته ما يُنبئنا به أن هناك أناسًا متفردون إختاروا الموت كي يكونوا أيقونة تجديد لرؤية الحياة بطرق أفضل.

لم يُفضل المسيح حياة تُعاش من دون تضحية، لتحضر مبادئه فيما بعد ليكون أيقونة لحياة أفضل..

صار سقراط أيقونة التعبير عن قيمة العدالة الأرضية في تضحية الفلاسفة من أجل تحقيقها، وكان المسيح عنوان تحقق هذه العدالة ببعدها السماوي.

أنزل سقراط الفلسفة من السماء إلى الأرض، كم يُقال، وقد حصل لتتجسد رؤاه في مدرسة جددت فلسفته فيما سُميّ بـ (المدارس السقراطية).

كان الحسين (ع) مثال للتضحية بالنفس من أجل قولة لا بوجه سلطان جائر، فضحى بنفسه وقُتِل أقرب الناس له لأنهم ساروا على نهجه لأنهم وجدوه في المقدمة يؤثر الموت على الحياة لأنه يعرف قيمة الموت بوصفه تضحية وصناعة حياة أفضل لجيل لاحق.

لم يكن كلكامش العراقي يؤمن بفكرة أن مصير الإنسان الموت، ولأنه عراقي بإمتياز، نجده يعبر الصحاري والبحار للبحث عن عشبة الخلود، فلم يكن زاهدً كسقراط، لأنه كان ملكًا بحكمة رافدينية لا يونانية، بمعنى أنه عراقي يتحدى القدر ولا يرتضي بالموت نهاية محتومة له ولغيره من بني البشر، وإن كانت نهاية ملحمة تأكيد على أن الإنسان يموت.

قد يكون كلكامش دوّن في ألواح سومر ديمومة وجوده في تحديه للقدر، وإن كان القدر قد إنتصر عليه.
لم يؤمن كلكامش بأن الموت حقيقة لا مناص لنا من الإيمان بها، لأنه عراقي، ولك أن تُدقق وتُنعم النظر في سلوك قادتنا العراقيين ستجد في سلوكهم ما يشي أنهم وروثوا من جدهم كلكامش، الذي كان يدخل على كل عروس قبل زوجها ليفض بكارتها، ولا يشغله الموت ولا يخف منه.
في تكوين كل عراقي كلكامش صغر أو كبر، فهو لا يؤمن بحتمية الموت، وتجده يسرق ويكذب ليحافظ على موقعه، وكأنه يعيش أبد الدهر، ولا يحسب للموت حساب، وإن كان بعضهم يدعي أنه يؤمن بالله واليوم الآخر والمعاد.

لو كان جل قادتنا السياسيين قرأوا عن سقراط وتضحيته بنفسه من أجل إيمانه بضرورة الإلتزام بالقانون، ولم يرثوا من كلكامش عنجهيته وتعنته، لما آل مصيرنا إلى ما نحن فيه من خراب.

لا أنفي عن بعض المناضلين العراقيين الذين ضحوا بأنفسهم نزوعهم السقراطي في التضحية بالنفس من أجل تطبيق العدالة وتحقيق المساواة بين العراقيين جميعًا على أساس القانون، ولكن الكثير من الذين بقيوا إنما هم لا يعرفون قيمة التضحية لذلك نجدهم عاشوا لأنهم يُجيدون اللعب والمساوامة وبيع الضمير لمن يدفع لهم.
من تعريفات سقراط للفلسفة بأنها "معرفة الموت، فمن دون الموت لا يُمكن للبشر أن يتفلسفوا".

فأن تموت نقيًا خير لك من أن تموت مدنسًا، ومن لا يملك إرادة الموت لا يملك إرادة الحياة كما يقول سينيكا، لذلك نحن العراقيين لا نملك إرادة الموت بحكم موروثنا الرافديني من جدنا كلكامش الذي لم يكن يرغب بالموت، وهام باحثًا عن الخلود، لذلك أظن أننا لا نملك إرادة الحياة، لأننا لم نستطع التغلب على خوفنا من الموت، لذلك عشنا حياةً ملؤها التعاسة.
لو أدرك مثل سقراط أن الموت حياة لما آل مصيرنا لهذا المآل.

العجيب الأعجب والغريب الأغرب أننا وجدنا أغلب من يدعون أنهم مشاريع تضحية من أجل نشر قيم ومبادئ الدين الحنيف يدفعون الشباب الذين صدقوا بهم للموت، ولكنهم وأولادهم ينعمون برغيد العيش ويركبون السيارات الفارهة ويتجولون في بلاد (الغرب الكافر)!، ويدرسون في أرقى جامعاتها!!.

تجد مناطقنا الفقيرة الجنوبية مليئة بصور الشهداء من "أولاد الخايبة" ولم نسمع أن ابن فلان القائد مات شهيدًا في معركة مصيرية! من أجل نصرة الدين أو المذهب إلا قلة قليلة صدقوا فيما عاهداو الله عليه.

للأسف من يرفعوا شعار التضحية والإيثار ويدعون وصلًا بالتضحية والموت من أجل المبدأ، وجدناهم مُخادعين يملكون قدرة عجيبة على خداع الناس وإقناعهم بأن التضحية بأولادهم ستكون من أجل الدين والمذهب والوطن، ولأن أغلب من يُنصت لهم من بسطاء الناس صدقوا بهم ولم يسألوهم إلى يومن هذا وأين أولادكم من هذا؟!.

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي