loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

هل كان السيف أسبق من الكلمة الطيبة؟

breakLine

                       


*نقاش هادئ لقضية مشتعلة


د. مصطفى عطية جمعة || كاتب وأكاديمي مصري


 هناك من العرب والمسلمين من يردد فرية قوامها أن السيف كان سبق دعوة الإسلام وتم قهر الأمم والشعوب الأخرى على دخول الإسلام، في تناغم مع كلام المستشرقين، المرتبطين بدوائر الاستعمار الغربي، وهؤلاء في غالبيتهم كانوا أشبه بالجيش الثقافي، الذي قرأ التراث العربي الإسلامي بعين ناقدة حاقدة، مسوغة احتلال ديار الإسلام ونهب ثرواتها.
 وهذا حادث في كثير من الحوارات الحضارية، وحوارات الأديان، مثل الحوار المسيحي الإسلامي، ومناظرات المستشرقين، الذين يدعون أن السيف كان على رقبة سكان الأقطار المفتوحة للدخول في الإسلام .
ولو أخذنا الهند مثالا -وكما يذكر عباس العقاد في كتابه حقائق الإسلام وأباطيل خصومه- فإن الجيوش الإسلامية التي فتحت الهند الكبرى لم تحارب إلا في دائرة محدودة جغرافيا، ولكن انتشار الإسلام في القارة الهندية، كان أبعد وأوسع بكثير مما دخلته الجيوش، وامتدت دعوته شمالاً وجنوبًا، وشرقًا وغربًا، حتى كان من تأثيرها وجود دولتين إسلاميتين كبيرتين هما: باكستان وبنجلاديش، ووجود أكبر تجمع إسلامي للمسلمين في الهند بعد إندونيسيا، بجانب مسلمي الصين، وجمهوريات وسط آسيا، وسواحل أفريقيا، وجنوب الصحراء، فلم يقع فيها من الحروب بين المسلمين وأبناء تلك البلاد إلا القليل الذي لا يُجدي في تحويل الآلاف عن دينهم بَلْهَ الملايين.
 ويضيف العقاد –رحمه الله– أن النبي( صلى الله عليه وسلم) لم يفاتح أحدًا بالعداء في بلاد الدولتين فارس والروم، وإنما كتب إلى الملوك والأمراء يبلغهم دعوته بالحسنى، ولم تقع الحرب بعد هذا البلاغ بين المسلمين وجنود الفرس والروم، إلا بعد تحريضهم القبائل العربية في العراق والشام على غزو الحجاز، وإعدادهم العدة لقتال المسلمين. وقد علم المسلمون بإصرارهم على اغتنام الفرصة العاجلة لمباغتتهم بالحرب من أطراف الجزيرة، ولولا اشتغال كسرى وهرقل بالفتن الداخلية في بلادهما لبوغت المسلمون بتلك الحرب قبل أن يتأهبوا لمدافعتها والتحصن دونها . والواقع الثابت في أخبار الدعوة الإسلامية: أن المسلمين كانوا هم ضحايا القسر والتعذيب، قبل أن يقدروا على دفع الأذى من مشركي قريش في مكة المكرمة، فهجروا ديارهم، وتغربوا مع أهليهم، حتى بلغوا إلى الحبشة في هجرتهم . فلا يمكن و ضع القتال في موضع الإقناع . فليس مما يجوز في الفهم أن يشهر رجل فرد سيفه ليقتل به الناس، أو يستجيبوا لدعوته! فإذا آمن به مَن يقدرون على حرب خصومه، فقد آمنوا به طائعين مصدِّقين، وتعرضوا للحرب من أعدائهم وهم مستضعفون في مكة قبل أن يقدروا عليها. ورغم هذه الأدلة والبراهين، وعشرات البحوث والدراسات والشهادات التي ذكرها المنصفون في الشرق والغرب، وأشادوا فيها بالحضارة الإسلامية وسمو أخلاق المسلمين في تعاملهم مع الشعوب.
 ولابد أن نعلم أن الحرب في الإسلام هي الاستثناء وليست القاعدة، وأنها ضرورة تقدر بقدرها، وبقدر أسبابها، وهي أيضا عقوبة على العدو، تزال بزوال أسبابها، وبالجملة فهي محدودة بغايات الجهاد في الإسلام، وإن كان هناك  بعض الفقهاء من يرون أن الجهاد في الإسلام واجب، حتى تصاحب دعاة المسلمين قوة مسلحة تحميهم من الأعداء، وتظهر الإسلام قويا معززا وهو مقدم للشعوب، وأنه يجب مواصلة الفتوحات إلى كل أنحاء الأرض . ولكن الرأي الراجح أن الحرب في الإسلام دفاعية، يضطر إليها ولي الأمر للذود عن ديار الإسلام، وأن الأمر الموجب للقتال هو الحرابة، وليس الكفر، وتتحقق الحرابة بظهور قصد العدوان، وإن لم يقع العدوان نفسه، والهدف من فتوحات المسلمين هو صد هجوم الأعداء ضد نشر الإسلام ودعوته.

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي