loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

هل يحق لأدونيس ما لا يحق لغيره؟

breakLine
2023-03-22

هل يحق لأدونيس ما لا يحق لغيره؟

 

غسان عادل | شاعر عراقي


سؤال كثيراً ما أطرحه على نفسي كشاعر شاب، قرأ أدونيس الشاعر والناقد، والمفكر أحياناً، وهو هل يحق لأدونيس ما لا يحق لغيره؟ فيولد الجواب بكل بساطة من خلال اسقاط ارائه النقدية ووضعها تحت مرآة نظرية "استجابة القارئ" التي أسس لها أمبرتو إيكو، وستانلي فيش وغيرهم الكثير من نقاد النص الشعري، على اعتبار أدونيس قارئ ومساهم فاعل في إعادة إنتاج النص، إذ لا توجد للنص حياة إلا حينما يقرأ، ويقودني هذا الاستنتاج إلى أن أدونيس يلعب دور القارئ أكثر من كونه شاعراً في ارائه النقدية، بغض النظر عن كونها ايجابية أو سلبية.


وأتذكر جيداً ما قاله أدونيس، حول أهمية الشاعر في حياة المجتمعات على اختلافها في العالم، أنه " هناك أناس يكتفون بالنظر إلى العالم، وهو هنا أنما يشير لعدم أصغاء هولاء لمشاكل العالم لعدم وجود شاعر باعتباره ناطقاً باسم من يعرف ومن لا يعرف، بينما هناك أناس آخرون وهم الشعراء يذهبون الى أبعد من ذلك ،إنّهم يحاولون الدخول في عقول القرّاء، ويعملون على تحويل العالم الى مكان أكثرَ أمناً وشاعرية، كما يرى أدونيس أنه ينبغي على الشاعر أن يكون شاهداً على ما هو حقيقي أو مخادع، ومن ثم يأتي إهتمامه بالكائن البشرى، فضلاً عن تعريفه المختلف للشعر كونه ضربٌ من ضروب الوجود ،ذلك أنّ دَور الشاعر هو الكفاح الدائم، ودعم الثورات الحقيقية".

 

إذ لا ينفك موقف أدونيس من الشعر الحديث، ولم يقتصر على تنظير ناقد، بقدر ما كانت مواقفه النقدية تساؤلية، وأنا هنا لست متبنياً لأرائه، بقدر كونها كلمتي الحرة التي أقولها من وجهة نظري، كما له وللآخرين من الشعراء والمهتمين بالشعر العربي وجهة نظر تحترم وتقدر وتناقش بموضوعية وسلام.


وهنا أود الإشارة إلى جدل جديد آثاره أدونيس، وأجزم أنه ليس الأخير، وذلك ما طرحه خلال تواجده في السعودية مؤخراً وهي يتحدث عن الحياة بصفته مفكراً، وعن الشعر بصفة ناقداً مرة، ومتلقياً نهماً مرة أخرى، وهو يتناول الشعر العربي وارتباطه بجملة من المفاهيم والعلاقات، إذ رأى إن الإنسان خلق شاعراً، فالشعر مثل الحب، أعمق ما يفصح عن الإنسان، واصفاً الشعر أنه كالإنسان، عالمٌ من الأسرار.


وبدأ أدونيس الجدل الجديد، عندما قال " إننا كعرب نعاني حالة إبداعية تعيش ركوداً، عازياً ذلك إلى شيخوخة اللغة التي نعيشها، من دون أن نعترف ثقافياً بهذه العلة" مشيراً إلى أن أمير الشعراء أحمد شوقي لم يضف أي جديدٍ في الشعر على أي مستوى، وإنما استعاد الآداب العربية القديمة، عكس الشاعر صلاح جاهين الذي يمثل أدونيس، على حد تعبيره، ليكون هذا الرأي بمثابة الشرارة الأولى لحرائق نقدية أقل ما يقال عنها شخصية أرتداها شاعر عربي.

وواصل أدونيس تغذية هذه الحرائق نقدياً، عندما تطرق لموضوع المقارنة بين الجواهري والنواب بقوله " أن الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري استعاد البلاغة العربية القديمة، المديح والهجاء، وكساهما بكساء شكلي يساري، وعند وجوب المقارنة بين الجواهري والنواب، فسأكون قطعاً في جهة النواب، بل وأعتبره افضل من الجواهري.


ومما تقدم كان لابد من عمل استطلاع، لأراء حرة لمجموعة من الشعراء العراقيين والعرب، حول ما ذهب أليه أدونيس مؤخراً.


يتفق  الكثير من النقاد  مع أدونيس بأن المستويات البلاغية والمعاني التي تعبر عنها قصائد الجواهري هي في معظمها استنساخ لمقاربات الشعر العمودي التقليدي


إذ يرى الشاعر والمترجم العراقي محمد تركي النصار أن رأي أدونيس بالشاعرين محمد مهدي الجواهري ومظفر النواب، بغض النظر عن الاختلاف الحاد بين عالم أدونيس الشعري وعالم مظفر النواب يمثل "  انحيازا سبق له أن مر عليه وصرح به في مناسبات عديدة"

ويضيف النصار أن " الكثير من النقاد يتفقون مع أدونيس بأن المستويات البلاغية والمعاني التي تعبر عنها قصائد الجواهري، هي في معظمها استنساخ لمقاربات الشعر العمودي التقليدي، خصوصاً شعر العصر العباسي الثاني من فخر ومديح وهجاء ومنافحات قبلية، كان حضورها مهيمناً في وجدان وعقيدة الجواهري الشعرية، وبرغم محاولة إضفاء جانب سياسي يساري معاصر إلا أن الجواهري لم يخرج  من إطار  ذاكرة الزمن الشعري العباسي الدائرية بلاغة وأوزانا وإيقاعات وصورا، فيها أصداء قوية للبحتري والمتنبي تحديداً، ناهيك عن تكريس الصورة النمطية للشاعر الكلاسيكي  الذي يعيش في كنف السلاطين والملوك"

ويرى النصار أن انحياز أدونيس لعالم النواب الشعري نابع من كون تجربة النواب تعكس تمرداً قوياً مفارقا، على أخلاقيات سياسية وفنية واجتماعية, على صعيد المضامين والأبنية والاستعارات والمجازات والصورة الشعرية بشكل لامس عميقا وجدان الإنسان العربي والعراقي تحديدا بكل ماظل يعاني منه على مدى أكثر من نصف قرن من تحديات الواقع السياسي المريرة وقمع الديكتاتوريات المقبورة  والحروب والحضارات".

 

 

لو قورن أي شاعر حديث مع أي شاعر كلاسيك سيكون أدونيس مع الحديث.


وحول هذا الجدل يرى الشاعر العراقي إيهاب شغيدل أنه  "ليس مستغرباً حول ما ذهب أليه أدونيس، وأن تفضيله هذا متأتي من موقفه من الشكل الشعري، فلم يكن تفضيله من باب فهم الشعر أو اللغة، بالمجمل الجواهري شاعر كلاسيكي قبالة النواب الذي حاول أن يذهب بالقصيدة بمن فيها الشعبية لمناطق ارحب، سيما وأن موقفه واضح منذ عقود من الشعر العمودي، لذا لو قورن أي شاعر حديث مع أي شاعر كلاسيك سيكون أدونيس مع الحديث"

 

الجواهري لا يقارن إلا بالمتنبي والبحتري والمعري وكبار شعراء الأمة


وترى الشاعرة السورية سرية العثمان أن "حرفية الكلام هي الافضل لديها، مشيرة إلى أن القصدية التفضيل التي ذهب أليها أدونيس، وأنه فضل النواب على الجواهري غير منطقية، إذا قالها حرفياً مع احترامي لقامة ادبية كبيرة وهامة، وكيف اقارن بين شاعرين مختلفين في هكذا حالة إذ أنه من الممكن الحديث عن لغة كل من الشاعرين وحداثة التجربة النوابية المهمة. رغم ذلك الجواهري لا يقارن إلا بالمتنبي والبحتري والمعري وكبار شعراء الأمة"

 

فيما ترى الشاعرة التونسية  دجلة الشريف أن " الجواهري والنواب شعراء كبار ، فضلاً عن كونهم أبناء العراق بلد الشعر والأدب، وكلاهما ذاق مراة المنافي، كما أن النواب شاعر كبير ومعارض كبير للأنظمة وصاحب تجربة شعرية مختلفة ومميزة، لكن يبقى الجواهري الكبير القامة الأكبر في المشهد الشعري العربي في لغته وأسلوبه ورصانة قصائده".

 

وتستمر الآراء حول رأي أدونيس حيث ذهب الشاعر العراقي حسين السياب للقول " أجد أن المقارنة لم تكن بمحلها لاختلاف التجربة الشعرية بين العملاقين، سيما وأن  وطأسلوب كتابة القصيدة فالجواهري يعد آخر فرسان القصيدة العربية الكلاسيكية، من حيث قوة النص وبلاغته الفريدة والتي جعلت منه أحد زعماء الشعر العربي مُذ عرف العرب الشعر، إذ نبخس حق العظيم مظفر النواب بما قدمه للشعر من أسلوب حديث وجرأة كبيرة في طرح المواضيع السياسية والاجتماعية بسخرية كبيرة مثل ما تناول الوجع العربي، وكان صوتاً للمستضعفين ضد الجور والظلم والاستبداد"


لتختتم الشاعرة السورية سناء بدرة هذا الاستطلاع بقولها ان " أدونيس شاعر كبير ومفكر ورمز يقتدى به، حقاً كان النواب شاعر جريئ حيث طرح مواضيع الاستغلال وناصر الشعب بكل وضوح وله مسيرة شعرية نفخر بها بوطننا العربي، ولكن الجواهري يختلف تماماً فهو يقف في مقدمة  الفرسان بالشعر والبلاغة  والأسلوب، مفرداته عميقه وتجربته الشعرية مختلفه تماماً، والحقيقه المقارنة صعبة بين العملاقين ولكن يبقى الجواهري شاعر العرب الاكبر".

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي