حاورها الشاعر العراقي أيوب سعد
وكالة نخيل عراقي/ خاص
الفنُّ بالنسبة لها طائرة ورقية ملونة منذ الطفولة، ومن خلاله ترى ذاتها بوضوحٍ، وترى أن الفرض يقيد الموهبة، حياة أمها اليومية دفعتها للتحدي، وقد بدا لها الفن وسيلة مهمة للتواصل، ومعظم وقتها يأخذهُ الرسم.. نتعرف من خلالِ إجابات هذا الحوار على الرسَّامة السورية جلّنار شحود:
*كيف تفسرين الفن أو تعبرين عنه؟
- الفن بالنسبة لي كطائرة ورقية ملونة انطلقت في الطفولة، وكنت أراها ألواناً زاهية ومرحاً لا ينتهي، ألواناً أعرفها، وألواناً غريبة لا أعرفها. وأحياناً أخرى ألواناً دافئة قريبة مني. وكنت أتمنى أن اسحب خيط هذه الطائرة الورقية لأرى الألوان الغريبة عني واكتشفها. أما الآن فتحولت هذه الطائرة إلى ملجأ لي ومُتنفس الذي أتمكن من خلاله أن أرى نفسي بوضوح وأعبر عنها دون أن اضطر للإجابة عن أسئلة الآخرين، لماذا؟ وكيف؟ فهو اليد التي تمسك بيدي وتقودني نحو المستقبل.
*متى يكون الفن خاطئاً؟ وهل يتوجب على الفن البقاء صحيحاً ؟
-لا يمكنني أن أقول عن الفن بأنه خاطئ وغير صحيح، فما تعتبره اليوم خاطئ يمكن أن يصبح صواباً غداً. قد يكون الفن خاطئ عندما يكون مفروضاً من سلطة ما فردية أو جماعية، لأن الفرض يقيد الموهبة، ويفتح الباب أمام القبول والتسليم بكل شيء كما هو. والفن وسيلة للتعبير عما نرفضه. الفن يبقى صحيحاً ما دام حراً.
*من جانبٍ فني كيف أثرت فيك البيئة التي تنتمي إليها؟
-الشخصية الأكثر تأثيراً في طفولتي هي أمي التي كانت قريبة مني بشكل كبير، وكنت أرى عن كثب حياتها اليومية التي دفعتني للتحدي، وأن أكون نفسي في كل الأوقات. وعندما أتاح لي والديَّ فرصة للرسم على جدار كامل في منزلنا، لأرسم عليه ما أشاء وساعة أشاء، عندها شعرت أنني حرة في اختيار المسار الذي يشبهني والذي ألقى نفسي به في الدراسة أو الحياة.
*هل درستِ الفنون الجميلة أم أخترتي تخصص أخر؟ وهل ترين أنه من الضروري دراسة التخصص؟
- نعم، اخترت دراسة الفنون الجميلة، وفي الحقيقة لم يخطر لي أي اختصاص آخر لاختار غيره. وأرى أنه من الضروري دراسة الفنون دراسة أكاديمية، ففي هذا فرصة للاطلاع على المدارس الفنية عن قرب والأساليب المختلفة، ليصل الفنان إلى مرحلة تسمح له بخلق أسلوبه الخاص. وباعتباري ما زلت طالبة في كلية الفنون الجميلة فما زلت أطمح لتعلم الكثير.
*هل تعتقدين أن الفن قادر على إصلاح وتأهيل الإنسان والشعوب؟ ومن هم رساميك المفضلين؟
-بالتأكيد، الفن قادر على إصلاح وتأهيل الإنسان، لأنه وسيلة سامية للتواصل والرقي. والتعرف على عوالم وأفكار وخبرات الشعوب. لأن الفن قادر أن يهذب النفس البشرية ويبعدها عن العنف والدمار، لأنّه يبني الحياة. يعجبني الكثير من الفنانين وأحب أن أتعرف على أساليبهم، ومن المفضلين بالنسبة لي: "إيغون شيلي"، أحب كثيرا تصويره للجسد الإنساني وخطوطه المميزة الملتوية والحساسة، وأحب أيضاً "فان جوخ" ومقولته الشهيرة "الوقت الوحيد الذي أشعر فيه أنني حر هو عندما أرسم." تشبهني كثيراً.
*لديك مساهمات مع الأطفال والناشئة في إعطاء الحصص أو الورش التدريبية في الرسم، أحكي لي عن هذه التجربة؟
- التعامل مع الأطفال شائك وممتع جداً في نفس الوقت، فكيف إذا كان التعامل معهم من خلال الفن، وأن تكون مُشرفاً ومعلماً من دون أن تنتهك خصوصية الطفل ومجال إبداعه. وشكلت لي هذه التجربة تحدياً كبيرا. وما ساعدني في ذلك هو مشاركتي بدورات تدريبية تؤهلني للتعامل مع الأطفال، وهذه الفرصة التدريبية والتعليمية كانت لجمعية أرسم حلمي الفنية فضلٌ كبير في تسهيل حصولها.
*ما هي طقوسك أثناء العمل على لوحةٍ أو موضوعٍ ما؟ وكيف يساعدك الإستماع للموسيقى في الرسم؟ وأي نوع من الموسيقى تفضلين؟
- طقوسي أثناء العمل بسيطة جداً، وأي مكان منعزل أو هادئ هو مكاني المفضل للرسم، وبالتأكيد الموسيقا تكون جزء هاما من العمل. تستهويني أنواع كثيرة من الموسيقا لكنني أفضل الموسيقا الهادئة كمعزوفات البيانو والغيتار والعود.
*هل تفعلين شيء أخر إلى جانب الرسم؟
- الرسم يأخذ معظم وقتي، لكني أمضي بعض الوقت في البحث عن الفنانين الحديثين حول العالم ومتابعة أعمالهم واساليبهم ومحاولة التواصل معهم والتعرف على أفكارهم.
*لو كان بإمكانك عيش حياتك على أسلوبٍ فني لفنانٍ ما من سيكون؟! ولماذا؟
-لكل فنان أسلوب حياة خاص به، ولا يمكنني أن أنتقي أسلوب أحدهم وأعيش به، بعض الفنانين كان أسلوب حياتهم غريبا وأحيانا بائساً. ولهذا أفضل العيش بأسلوبي أنا.
*ما هي خططك الفنية للمستقبل؟
-بعد إكمال دراستي الأكاديمية أطمح للوصول إلى أسلوب خاص أطوّره منذ الآن، كما أتطلع لإقامة معارضي الخاصة بلوحاتي ورسوماتي. أن أعرف شغفي، وأتقن ممارستهُ وأصل إلى مرحلة متكاملة في أن يكون الفن معيلي ومعيني في الحياة.