loader
MaskImg

حوارات

الكاتبة المغربية سعيدة لقراري

breakLine

الكاتبة المغربية سعيدة لقراري: "العالم دون كتابة جسد بارد "

حوار ـ  وكالة نخيل عراقي 

 

*كيف تعرفين نفسك؟
سعيدة لقراري، حاصلة على إجازة في اللغة العربية وآدابها.. قاصة مغربية، صدرت لي مجموعتان قصصيتان
" وداعا أحلام الغد" و"عراة خلف الستار" 
أحيانا كثيرة، آوي إلى طفولتي، هناك أركض وأمشي في الأماكن الممتدة، أماكن غير مسيجة، خضراء، مليئة بأشجار تفتح حضنها لسكانها الأصليين، من طيور، فراشات، زهور..
أحيانا أصرخ في وجه اسمي، ولا أحب أن يناديني أحد به، لأني أسقطه من شهادة الميلاد وأضفي عليه ما يعنيه  لأكتشف أن الصفة لا تلائمني كموصوف..
بارتشاف قهوتي الصباحية التي أكون سكرها الزيادة، يعود مزاجي إلى نصابه، لأستقر بين دفتي كتاب يجذبني إلى أرخبيلاته وشطآنه المترامية.. تلك أنا، وأحيانا لا أكون أنا تلك .. 
*كيف تعرفين العالم؟
العالم قفص كبير، نسعى إلى توسيعه، وليس إلى تكسير قضبانه، أو الخروج من بابه المفتوح، هذا لأننا أدركنا كيف ندخل، وعجزنا عن إدراك كيفية الخروج، هناك من يظن أن التفكير في مغادرته، هو تهيئ حقيبة الرحيل إلى الموت، وهناك من يظن أن خارج هذا العالم، الحياة تشرق، أنا من هؤلاء، خارج قضبان هذا العالم، عنقي يشرئب، والروح إلى ما بعد الانعتاق تتوق، سبيلي في ذلك ترويض ذائقتي على التنقيب عن جمال، لا يعلن عن نفسه، إلا بالسعي خلفه، عبر القراءة، والاطلاع أيضا على مختلف الفنون، مرورا بالسفر وحب الاكتشاف، مما يغذي ملكة الإبداع فينا، ويضخ بنا دماء عوالم جديدة، تكون البديل الأنسب لذلك العالم الرديء..
ولا يفوتني هنا أن أذكرني دائما أن القبح وهو الوجه الآخر للرداءة، يستفز الجمال ويجعل هذا الأخير يحقق فتوحات على أراض ربيعها لا يغرب، ولا مكان فيها للأقفاص..      
*كيف تعرفين الكتابة؟
الكتابة، يد تقوم مقام الجسد والروح، تحلق، تبحر، تقتل، تحيي، تبني، تهدم، تفسد، تصلح .. ذراعاها، ذاكرة وتخييل وأشياء أخرى، تسلب الكاتب أنفاسه ليمنحها لما ومن يكتبهم، ما بين الأشياء والأحياء أو الأموات يتأرجح، بالقلق العنيد يحقن شظاياه وقد خرجت عن طوعه، وتدفقت في مجرى ما يكتب.. وقد أشرت إلى هوية الكتابة بالنسبة لي في إحدى الحوارات، قائلة :  لا حاجة للكتابة إلى ربطة عنق، ولا إلى لباس ضيق يقيد حركاتها، ولا إلى آخر فضفاض يحجب عنا مواطن الجمال فيها، الكتابة تأتيها الحرية من داخلها، ما تحتاجه من هواء، ماء، وتربة، منها يصدر وإليها يتوجه، ماسح الأحذية فيها يرفع رأسه ناثرا اللمعان في القلوب قبل الأحذية، عامل النظافة سيد الشوارع يكنس ما بالصدور من نفايات، الكتابة لا تعبأ بعلب، نهر جار محتواه نحو مصب، يتجدد فيه الجريان صعودا ونزولا، جمالها بساطة تخلو من السذاجة، وعمق ينأى عن التعقيد، عملية الكتابة لا تخضع لمبدإ العرض والطلب، قد تكون نزلة صقيع، أو موجة حرٍّ، أو زوبعة كاسحة.."
وهنا أتذكر قول كارلوس لسكانو وهو يعرف عملية الكتابة، إذ يقول: 
"أن تكتب يعني أن تبتكر صوتا، أو أسلوبا يعطي للعالم شكلا، أسلوبا لا يجب أن يكون أنيقا أو مثقفا، بل يجب أن يكون خاصا بك.


*ماذا تقرأين الآن و لماذا تقرأين؟ 
قراءاتي تحط الرحال بأرض كاتب مغربي، هو من رواد فن القصة في المغرب والعالم العربي، أقصد بالذكر الأديب أحمد بوزفور، والذي أقرأ له الآن آخر إصدار موسوم بـ " إني رأيتكما معا" وهو عبارة عن قصص 
*ما علاقتك بالقارئ؟
حين أكتب، لا أفكر فيمن سيقرأ لي، بحيث لا أفكر سوى في إخراج ما أكتب إلى بر الوجود، هذا لأني أومن – كما أشرت من قبل – بأن الكتابة لا تخضع لمبدإ العرض والطلب.. وأن القارئ له دور في تثمين ما نكتب وتقييمه حسب استراتيجيته القرائية الخاضعة لمقاييس متعددة ومتنوعة متعلقة به كقارئ.. وهي معايير لا تشغلني أثناء عملية الكتابة ..
*ما طموحك كمبدعة؟ 
كمبدعة أطمح إلى القراءة أكثر عن فن القصة خاصة عن باقي الفنون الأخرى، لأني أعتبر القراءة، التربة الخصبة التي تقوي وتتبث جذور الكتابة بأرض الإبداع، ليُكتب لها الإشعاع من أوسع الأبواب ..
*ما الذي تقدمه لك الحياة؟
بقدر نظرتنا لهاته الحياة، نحيا، فالحياة لا تمنح شيئا لفاقد العطاء، ولا تحط بالقلوب القاحلة، بصيغة أخرى، الحياة علينا تقبل أومنا تفر. تقبل علينا وبنا تستقر حين تستشعر فينا ما يكفي من الجمال لإقامتها بين أسوار الروح والجسد، وتفر منا، حين تطبق يد القبح على نظرتنا إلى ذواتنا وإلى العالم.. بالنسبة لي، الحياة دافع قوي للتزود بالجمال من هذا العالم، وخلق مشاتل بي، أحاول الاعتناء   بها حتى أطيل عمر الربيع بفصول القادم من الأيام..    
*ما الذي تقدمه لك اللغة؟
اللغة وسيلة تعبير، وخلق التواصل مع الآخر، هذا في تعريفها البسيط، أما اللغة بالنسبة للعملية الإبداعية، فهي الوعاء الذي يحتضن ما أكتب، وهي الجسر الذي يصلني بالقارئ، وهي الآليات التي توسع لي أفق الصيرورة الإبداعية، بمجدافها أبحر، بأشرعتها إلى الضفة الأخرى أصل، وبأجنحتها بسماء الكتابة أحلق.. 
*ما مشروعك؟
مشروعي الإبداعي الذي أرنو، وأتطلع إلى تحقيقه بشوق كبير، هو الآن على قيد مسودة، بملامح رواية لها يد في اقترافي بهذا العالم ...
*ما الذي تشعرين به لحظة كتابتك للقصة ؟
لحظة الكتابة، أدخل جلباب من أكتبهم، ألغيني من زمن تشير إليه الساعة الحائطية، ومن مكان يحدد الموقع على الخريطة، لأصير كتلة قلق لا تهدأ ..
*كيف تتخيلين العالم دون كتابة؟
أتخيل العالم عدما دون كتابة، الكتابة تجدد خلايا ذلك العالم، تبث الحياة في شرايينه، تغسل وجهه، تقلم أظافره، تدلك فروة رأسه، تمنحه حياة بحد الألم والأمل ..
وأعود لأقول بملء يقيني:" العالم دون كتابة جسد بارد، خال من الروح، وصدى لموت يملؤه.." 
 *أين تجدين نفسك خارج النص؟ 
في أغلب أوقاتي داخل النص أو داخل عالم الكتابة، أجدني،  وأنا أعمل، وأنا أسافر، وأنا مستغرقة في النوم،  في حالاتي المختلفة، وأحاسيسي المتضاربة،  أجدني داخل نص معين، لا أعي حجمه، ولا ملامحه، لكني أدرك أني في سراديب الكتابة تواجدي يتوغل، ولا أتخيلني خارجه..

*ما الموسيقى التي تفضلينها؟ 
الاستماع إلى الموسيقى، جزء لا يتجزأ من يومياتي، ألوذ إليها بأثقالي، وأيضا أبحر في نوتاتها في عز فرحي، لا وطن ولا جنسية للموسيقى بالنسبة لي، فما  يعيدك إليك في كامل حياتك من الموسيقى فتلك وطنك وجنسيتك ..
على أي، أحيانا كثيرة، يميل كلي إلى الموسيقى الكلاسيكية..، الجاز، الموال والموشح..  
*اسألي نفسك سؤالا واجيبي عليه؟
كيف أزيح من أمامي ما يعرقل الخطوات؟
لا شيء يقف ضدي، وأنا في اتجاهي أنساب