loader
MaskImg

حوارات

حوار مع الاعلامية لميس عبدالكريم

breakLine

 

لميس عبد الكريم: "الخريفُ وحدَه هو الذي يُشْبِهُني"


 

حاورها الصحفي العراقي علي الكرملي

 

 

 

وكالة نخيل عراقي/ خاص

 

 


لميس عبد الكريم. شابة في العمر وكبيرة بالعطاء. تعيش في زمن الحداثة وتِرجعنا عبر عملها إلى الزمن الجميل، تدمج الإعلام الحديث مع الإعلام القديم، فتخرج لنا بوصفة تُؤِنسِن بها الإعلام في عصر البحث عن الأرقام ولا شيء غير الأرقام.

وُلدت لميس في بغداد عام 1994. جاءت في العشربن من تشرين الأول، فردّدوا لها بيت نزار عن تشرين: "إن وجهكِ أحلى بكثير.. ما سره تشرين"، لتكبر بالعمر وتوازن في مهنتها بين الحاضر والماضي،  كيف لا وهي بنت الميزان.

"بهيدَة بهيدَة". هكذا شقّت عبد الكريم طريق النجاحات في الإعلام، بدءاً من الصحافة المكتوبة مروراً بالمُراسلة وتقديم البرامج ووصولاً إلى إذاعة نشرات الأخبار، كل هذا وهي في ربيع عملها، وللتعرف أكثر على عالم لميس، أجرينا معها هذا الحوار.

 

 

• بعيداً عن تقليدية السؤال: من هي لميس عبد الكريم غير ما نعرفه عنها؟

 

أنا من الشخصيات الواضحة، بالطبع لدي مساحة غامضة أو معتمة وهذا جزء شخصي لا أحب أن يكون مكشوفاً -ولا أعني هنا أنه سيئاً- لكنني من الميالات للخصوصية، عدا ذلك فلميس التي يراها الناس ويعرفونها هي ذاتها لميس التي أعرف.

لا أحب الحديث عن الصفات الشخصية، لكن لتسمح لي أنت والقارئ أن استعير جملة شعرية لنزار قباني وأقول: "الخريفُ وحدَه.. هو الذي يُشْبِهُني"، وسأعتبرها تعريفاً موجزاً عني.

 

• كيف كانت الطفولة؟ حلوة أم مرة؟ ما أبرز ما تتذكرينه منها؟

 

في البدء، أنا أنتمي لأسرة عراقية تعد من الطبقة الوسطى. والدي كان معلماً وأمي ربة منزل، ولدي إخوة وأخوات وأنا الأصغر سناً، فكان دلالي مضاعفاً.

كانت طفولتي عادية تشبه طفولة أبناء هذه الطبقة عموماً، لكن ما صنع الفارق هو أنني كنت آخر العنقود كما يقولون، لذا حظيت باهتمام ودلال كبيرين، وظل هذا الشعور راسخاً لدي.

قرأت يوماً ما هذه العبارة: "لقد هذبني الدلالُ لا القسوة، تعافيتُ وتنعمتُ بالحب والحنان، هذا ما أريد تذكره دائماً". رأيتها مصداقاً لمشاعري وما بقي في ذهني من الطفولة، ما عداها ذكريات خاصة وطبيعية ترافق كل إنسان ولها ارتباطات بأهلي وبأمكنة احتوت هذه الذكريات.

 

• كيف عشتِ فترة المراهقة؟ وهل أثّرت حرب 2003 على دراستكِ؟

 

لم تؤثر الحرب على دراستي، وأتذكر عند قيامها أننا توقفنا عن الدوام، لكن لا أتذكر ماذا حصل بالضبط بعدها، المهم أنني لم أخسر سنة واحدة من الدراسة؛ لأننا من العائلات التي لم تترك منزلها ولا العراق أبداً طوال سنوات الحرب الأهلية، الغريب أنني كنت اتصورها مراهقة عادية وأنها الحياة الطبيعية لمن هنَّ في سني، مدرسة وبيت وصديقات وأخوات وزيارات للأقارب وانتهى.

بعد مرور السنوات وتشكُّل الوعي والاطلاع، عرفت أن هذه السنوات تسربت من بين أيدينا، وأقتطعت من أعمارنا ولم نعشها كما يجب، كانت نسخة مشوهة من الحياة! لا أتحدث عن نفسي فقط، بل عن جيل كامل كَبُرَ في ظل موت وخوف وتفجيرات واغتيال على الاسماء ورهبة من مغادرة المنزل خوفاً من الاختطاف والإرهاب.

 

• دراسة كلية الإعلام.. رغبة وحلم أم ماذا؟

 

حلم ورغبة وطموح ظل يلازمني سنوات وسنوات، وأحد أجمل خياراتي في الحياة.

 

• من اكتشفكِ إعلامياً ومتى؟ ومن شجعكِ على اقتحام هذا المجال؟

 

كما قلت، دخولي للإعلام كات بدافع حب كبير لهذا المجال، ولأسباب لم أكن أفهمها جيداً، لم يشجعني أي أحد على اقتحامه، كان شيء في روحي هو الذي يدفعني باتجاهه، حتى أني لا أملك "آيدول" في الإعلام رجلاً أو امرأة كان سبباً في حبي له مثلاً!.

الذي اكتشفني هو الأستاذ خليل فاخر، أستاذ في كلية الإعلام بجامعة بغداد وقتئذ، ومسؤول عن صحيفة "الصحافة" الصادرة عن الكلية، كلفنا وقتها بكتابة مواضيع للصحيفة، ولنا الاختيار فيما لو كانت تحقيقاً أو حواراً صحفياً او مقالاً أو أي فن صحفي. أنا اخترت الحوار وأجريته مع الفنان التشكيلي جبار مجبل، فأعجب به جداً وتنبأ لي بمستقبل واعد، وظل مهتماً بي وداعماً طوال سنوات الدراسة وتعلمت منه الكثير.

 

• درستِ قسم الصحافة وانطلقتِ منها للعمل، فما الذي دفعكِ نحو الإعلام المرئي؟

 

الانتقال للإعلام المرئي كلن بمحض الصدفة، بعد التخرج عملت في وكالة وصحيفة *الجورنال" كمحررة ومسؤولة للصفحة الثقافية، ومن ثم عملت كمحررة سياسية قرابة العام ونصف العام، حتى توقفت الصحيفة عن الصدور، فاضطررت للبحث عن عمل وقادتني الأقدار إلى العمل كمراسلة تلفزيونية في قناة "الرشيد" دون تخطيط مسبق، ومنها ابتدأ المشوار.

 

• هل أحببتِ الصحافة فاخترت هذا القسم دون الإذاعة والتلفزبون أم ماذا؟

 

نعم، كل ما كنت أقوله عند سؤالي ماذا تريدين أن تكوني هو: صحفية. لم أقل يوماً مذيعة أو مراسلة ولم يكن الإعلام المرئي في ذهني، كنت عاشقة لهذه المهنة وللكتابة بشكل عام.

 

• في الإعلام المرئي عملتِ مراسلة ومقدمة برنامج ومذيعة أخبار.. أي مكان أحببته أكثر؟

 

المراسلة. مهنة حيوية، وكل يوم فيها هو تجربة جديدة على الصعيد المهني والاجتماعي وحتى الشخصي، أحب المهن المتحركة التي تدفعك لاكتشاف الناس والمدن وأحياناً وأنت تحاول اكتشاف شيئ جديد تكتشف نفسك بطريقة أو بأخرى وتعيد تشكيل شخصيتك، وتعرف أن هناك مدينة مخفية وغير مرئية للآخرين. مهما عرفتَ بغداد، هذه المهنة ستريك إياها بمجهر دقيق بقبحها وجمالها، هذه التجربة أثرت بيّ جداً.

 

• أيهما الأحب لكِ.. الصحافة أم التلفزيون؟

 

أعشق الصحافة واعتبرها هويتي، لكن سأكذب لو اخترتها، تجربتي مع التلفزيون أطول وفضله عليّ أكبر وتعلقي به يزداد مع الوقت، التلفزيون ساحر.

 

• محطات عديدة تركتِ بصمتكِ في كل واحدة منها، بين "الرشيد والشرقية وnrt والسومرية والعراقية وحتى الجورنال"، أي مكان أحببته أكثر؟ وأي الأمكنة أضافت لكِ أكثر؟ وأي مكان ممتنة له؟

 

كل المحطات عزيزة عليّ، ولها فضل في تعليمي وتطويري ووصولي للناس، لكن "السومرية" و"العراقية" هما الأكثر تأثيراً مهنياً. "السومرية" هي التي فتحت لي باب الوصول للناس ومعرفتهم، و" العراقية" أستطيع أن أقول إنها بداية الاحتراف والانتقال من محاولات التعلم والتجربة نحو صناعة اسم له حضوره في مجاله.

 

• كنتِ أفضل مراسلة تلفزيونبة في العراق بمهرجان كلية الإعلام عام 2018، كيف كان شعوركِ في تلك اللحظة؟ وبماذا تصفين ذلك الإنجاز؟

 

سمعت الخبر وأنا في مخيم للنازحين بزيونة، أعد تقريراً لصالح "الشرقية نيوز" عن احتفال النازحين برأس السنة في المخيم وإذا باتصال هاتفي يخبرني أنني حَصُلت على هذه الجائزة، لم يكن لدي علم مسبق، لا استطيع أن أصف لك السعادة، الأمر كان مشابهاً لمن يربت على كتفك برفق وحنين بعد يوم طويل متعب ويقول لك: أحسنت، والمفرح أيضاً أنه من مكان طالما حملته في قلبي وشعرت بالامتنان لانتمائي له.

 

 

• عندكِ قلم حُلو عندما تكتبين التدوينات بين حين وحين، إحساسكِ يترجم في تلك التدوينات بشكل لا يوصف، متى بدأت عندكِ هذه الموهبة في الكتابة؟ ولماذا مقلة فيها؟

 

أعتقد ومن دون مبالغات أنها موجودة منذ الابتدائية، ذات مرة كتبت موضوعاً عن العراق في السادس الابتدائي ومعلمتي أعجبت به جداً وطلبت مني قرائته أمام كل التلاميذ، وطالما كنت مجتهدة في درس التعبير، لكنها صقلت أكثر بعد القراءة والاطلاع.

أغلب الكتب التي قرأتها تنتمي لحقل الأدب وهذا يؤثر في التعبير، لكن لا أخفيك سراً أنها تراجعت كثيراً؛ لأنني هجرت القراءة منذ سنوات ولا أعرف لماذا، وهجرت الكتابة ايضاً إلا في بعض المرات القليلة.

 

• لو لم تكوني لميس الإعلامية.. من ستكونين؟

 

سأدرس مثلاً الأدب، أو علم الآثار، أو العلوم السياسية أو شيء يتعلق بالسلك الدبلوماسي.

 

• ما سر علاقتكِ بمصر؟ كيف بدأ هذا الحب؟ هل لو لم تكوني عراقية، لفضّلتِ أن تكوني مصرية أم مصراقية؟

 

في وجداني ما لا يترجم من المشاعر التي تربطني بهذه البلاد، كل ما تذكرتها تحضرني شادية وهي تقول: "يا بلادي يا أحلى البلاد يا بلادي". لا يمكن قياس حجم تأثيرها عليّ. 
لسنوات كنت  أربي وجداني وأهذبه من خلال حكايات القاهرة ووجوهها التي غلّفت أيامي وأحتلت منزلي وذاكرتي، لماذا تحبين مصر؟ سؤال يتكرر كثيراً، وأجد أن من يفكر أنني أحبها بسبب الأفلام قد يكون سطحياً، وفي المقابل لا أملك جواباً مقنعاً، أحبها لأنها أنا ولأنها كل ما عرفت وكل ما أحببت. 

 

• من ساندكِ في الحياة؟ وهل من سند لكِ؟ ومن وراء نجاحاتكِ؟

 

من بعد الله أنا سند نفسي الأول، ومن بعدي زوجي الذي يدعمني كما يدعم الأهل أبنائهم، وأهلي كذلك.

 

• أخيراً.. هل حققتِ ما تودينه في العمل أم لا؟ وما هو الحلم أو الطموح؟

 

حققت الخطوة الأولى، وطموحي أكبر، لن أتحدث عنه خوفاً من ضياعه.