loader
MaskImg

حوارات

حوار مع الشاعرة الإماراتية صالحة غابش

breakLine

الشاعرة صالحة غابش " الشعر عربة على الطريق "

حاورها الشاعر الفلسطيني حسام معروف

 

وكالة نخيل عراقي / خاص

 

ينطلق الشعر من النقاط الاي يسقط فيها الإنسان في فخ مشاعره تجاه الأشياء، بعمومية اشكالها وتركيباتها، سواء كانت من الكائنات الحية أو الجمادات. وفي كل مرة يكون الإنسان عربة ناقلة لذلك الفيض من الشعور والأثر، بحمله الخفيف، وصوته الثقيل، وتعتبر تراكمات هذه الأصوات بمثابة شوط طويل من التجارب التي يصير من الصعب انفكاكها عن ذات الإنسان، وتبقى مرافقة له حتى النهاية، عن هذه الأصوات الشاعرية، وماهيتها، وكيفية تشكلها، كان لنا هذا الحوار مع الشاعرة الإماراتية صالحة غابش.


● ما بين مجموعة "بانتظار الشمس"، ومجموعة "في العمق الأزرق"،  ومجموعات أربع بينهما، هل تغير مفهوم الشعر عند صالحة غابش؟

الشعر لا تتغير مفاهيمه لكنه يتطور بتطور الشاعر وثقافته وسعة اطلاعه، فضلا عن قراءاته لنقد أعماله أولًا بأول.. وأعني به طبعًا النقد الأصيل القائم على علم صاحبه والمنهجية الصحيحة للنقد الأدبي، وتتغير أيضًا القناعات، فحين أصدرت ديوان " بانتظار الشمس" كنت رافضة لكتابة النص النثري، ولكن بعد أن وانت نفسي في قصيدة التفعيلة أحببت أن أجرب النثر.. فكانت البداية من الديوان الثاني "المرايا ليست هي".


● ما الذي يُكسب الشاعر أو الشاعرة النضج في الكتابة؟

الكتابة المستمرة.. قد تكون القراءة والاطلاع على دواوين شعراء آخرين.. وصولًا للثقافة بشكل عام.. وقراءات متعددة خارج الشعر.. كل ذلك قد يكون مجديًا لتحقيق النضج لدى الكاتب..  لكن استمراريته في الكتابة أمر آخر.. أمر مهم.. لأن الكتابة بحث في الذات،  في الفكر والعاطفة.. غير تلك القراءة التي نبحث فيها عن آراء الآخرين وأفكارهم، نستمد منها بعض القوة، لا كلها.

● هل إعادة طرح النصوص من مجموعات سابقة في مجموعة "في العمق الأزرق" الصادرة حديثا عن دار رواشن للنشر، بمثابة إعادة تنسيق لألوان التجربة الشعرية لديك؟ أم هناك دافع آخر؟

نعم، قد يكون هذا سبب، ولكني أيضا أردت أن أضع يدي على أكثر القصائد تعبيرا عن تجربتي اليوم بعد سنوات من الكتابة.. من دون التخلي عن النصوص الأخرى التي هي بمثابة الصديقة لي في رحلة الارتقاء بالتجربة ونضجها.. والتي لولاها لما عرفت أين تكون أنا في طريق الشعر.. هناك نصوص أحب عمقي فيها وعمقها في، أحب اللغة التي مكنتني من تأليف قصيدة قريبة مني، وقد يكون الموضوع مثقلا بأبعاد تاريخية مثل قصة بثينة في "ديوان بمن يا بثين تلوذين"، وهنا يخرج إلى الدور الفكري المعرفي، وهو بذلك يحلق بجناحي العاطفة والفكر.

●في مجموعة "بمن يا بثين تلوذين" تناولت حكاية المرأة مع الحرية والاستعباد، هل يكتفي الشعر بالتوصيف، أم انه يحمل وظيفة التغيير؟

لا أعتقد أن للشعر دورا أكبر من دوره في رسم الصورة الوجدانية للشاعر والمتلقي مهما كان موضوع القصيدة، فالشعر بلغته التي يتعامل معها الشاعر، يعكس سعة خياله وأصالة فكره ولغته ومستوى ثقافته، ويقدم لوحة جميلة، موضوعها من واقع واجه حواسه مستحضرا استعداده كشاعر لأن يضع هذي اللوحة في إطار اللغة المقروءة. إذا وضعتها مسارات التوصيف أو التغيير أشعر أني أحاصره في نظريات ليست له.

● إلى ماذا تعود، رغبة المؤلف أو المؤلفة بمحو إحدى المنشورات من التجربة الذاتية؟ 

لو كان منشورا يصعب محوه، ولكن يمكن عدم إعادة نشره في حال تشكيل كتاب يجمع نصوصه من كتب أخرى كما فعلت في ديوان" في العمل الأزرق".. والأسباب التي تدعو الى اختيارات نصوص دون غيرها لإعادة النشر ذكرتها في إجابة سابقة، ولعل أهمها اختيار  ما يعكس نضج التجربة وتطورها في أسلوب تناول القضايا سواء ذاتية أو إنسانية عامة.. ولكن كما ذكرت لا يتبرأ الكاتب من نصوصه مهما كان مستواها طالما أنها نشرت وأصبحت بين يدي القارئ  وتبقى مقياسا لمدى تقدمه في التجربة

● هل برأيك يجب أن يكون الناقد شاعرًا؟

لا، ليس شرطا، فالنقد علم مساند للأدب.. لنصوصه المختلفة.. ولا يشترط في الناقد أن يكون مؤلفا في أي صنف من صنوف الأدب، وإن كان قربه من هذا العالم يمكن أن يجعله شاعرا أو روائيا أو غيرها سواء قبل انشغاله بالنقد أو بعده.

● كيف يمكن أن يتعارض المنصب الإداري في المشهد الثقافي مع المشروع الشعري الذاتي؟

لا تعارض، فكلاهما له عالمه وقانونه وحدوده، إذا فهم الكاتب قراءة خريطة انشغالاته وتمكن من وضع المساحة المناسبة لمزاولة إبداع.. وما أجمل أن يوظف جانبا من إبداعه في عمله إذا كان هناك بعض التوافق بينهما.


● هل ترين أن ترجمة الشعر تخدم رؤية النص، أم العكس؟

ترجمة الشعر عملية شائكة، لذلك أرى أن من يتصدى لها لا بد له من ثقافة وافرة لهذا النوع من النشاط الفكري المفعم بعاطفة الكاتب، فكي يبقى النص شعرا بعد الترجمة يتنافى كما نعلم مع الترجمة الحرفية، وهنا تأتي رؤية المترجم للنص وما يمكن أن يثيره من رؤية تواكب محتوى النص العميق، ولكنه يخرج به إلى نص آخر يصل إلى قارئ مختلف، كيف يتم ذلك؟ بواسطة تجربة ثرية في الترجمة تعتمد على علم الترجمة والإحساس بالكلمة والتأمل في لغتها كي تفتح أمام المترجم آفاق أخرى للقصيدة.. ولعل الشعراء هم افضل المترجمين للنصوص الشعرية لصلتهم باللغة الخاصة بهذا النوع الأدبي من الكتابة.

● عن اختيار دار النشر من قبل المؤلف، ما هي المعايير؟

يأتي في المقام الأولى معيار سياسة الدار في النشر، ببعديها الموضوعي والتجاري، كما أن اقتناع صاحب الدار ومستشاريه له أهميته في قبول الكتاب ليحمل اسم الدار.. لا شك أن اسم الكاتب، أو موضوع الكتاب وأهميته من المعايير التي تعتمد عليها كثير من الدور في قبول النشر، فهناك دور مثلا امتنعت عن نشر دواوين الشعر لقولها بأن الشعر لم يعد له سوق كالماضي وان السوق اليوم للرواية، بينما تقف دور أخرى كدار رواشن، وأكاديمية الشعر بأبوظبي في مواجهة هذه النظرة التجارية البحتة للشعر.. الأمر الذي يبقى الأمل مفتوحا باتجاه الذائقة الرفيعة والراقية للكلمة التي تقدم في وعاء القصيدة.

■■


صالحة غابش، كاتبة وشاعرة إماراتية. وهي أمين السر العام لاتحاد كتاب وأدباء الإمارات صدر لها  خمسة دواوين شعرية ورواية واحدة وكتب ومجموعات قصصية عديدة. نالت غابش على جائزة المرأة العربية المتميزة في الأدب من الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي في عام 2008.