يعنى بالسرد القصصي والروائي
سمر عميران/قاصة سورية
تناثرت دموعه لآلئ على وجنتيه المحمرتين من وهج الشمس، بعد شجار مع صاحب العمل الذي أهانه بكلمات أدمت قلبه بقوله:
اعمل أيهاالقذر لاتهدر الوقت،
واصل عملك...
تابع مسيره وهو يدفع عربة صغيرة مليئة بأوراق المقوى وعلب الهدايا الكرتونية الفارغة، لطالما حلم بعلبة هدية تحتوي لعبة طائرة مروحية تفرح قلبه اعتاد رؤيتها من خلف واجهة زجاجية لاحدى المحال التجارية.
هذه الليلة عيد الميلاد، المحال التجارية مضاءة والزينة في كل مكان، إنها فرصته لجمع أكبر عدد من العلب الفارغة من الهدايا التي حتماً استخدمها المحتفلون لإعادة تدويرها وكسب مبلغاً من النقود. سيتمكن من إسعاد والدته وأخوته الصغار بعشاء متواضع. لفت انتباهه محلاً ضخماً، تبسمر أمام واجهته الزجاجية اللامعة المزينة، يرقب مابداخلها من معروضات ألعاب وهدايا جميلة، ليخرج صاحب المتجر يرمقه بنظرات ازدراء لملابسه البالية وشكله الشاحب قائلا له: هيا ابتعدإياك ان تلوث الزجاج، وعندما هم للرحيل استوقفته إمرأة قادمة للمتجر تخاطبه برفق وحنان: تعال ياولدي أخبرني مالذي أعجبك من هذه الألعاب؟
يتلعثم بصوته الخافت لاشيء ياسيدتي، ربتت على كتفه وهمست له:
أترى هذه الدمية ذات الرداء الأحمر واللحية البيضاء تدعى ''بابا نويل'' تلبي كل الأماني والهدايا من هذا المتجر، ماعليك سوى كتابة أمنيتك على ورقة ودسها في جيبها وفي اليوم التالي تأتي لتأخذ هديتك،
رد عليها وحشرجةٍ في صوته،
هل أستطيع كتابة أمنيات لأخوتي؟ قالت له: نعم بكل سرور.
هرع الطفل مسرعاً إلى منزله والفرحة تغمره، وأوراق المقوى تتطاير مع قفزاته المتسارعة فرحاً كعصفور يحلق في الفضاء ليحضر قلماً وورقة، وأخوته كانوا يحلقون حوله بإستغراب وكل واحد منهم يسجل له أمنيته على انفراد، تداعى النوم من عينيه هذه الليلة، وهو يحلم بهدية الغد حتى يلعب بطائرته ويناور ويصوب نحو الهدف أنه محترف وبطل وسابق الريح، في اليوم التالي ينتظر فتح المحال التجارية، هاقد جاءصاحب المحل هذه المرة ابتسم له وقدم له الهدايا التي سجلت في الرسائل، لقد اتفقت السيدة مع صاحب المتجر مسبقا لتلبية طلباته كلها، وهي ستدفع الثمن، عاد الطفل إلى منزله محملاً بهدايا عيد الميلاد مفعماً بسعادة لاتوصف هذه المرة علب الهدايا لم تكن فارغة...!