يعنى بالسرد القصصي والروائي
زهرا موسى | قاصة عراقية
كسر الضباب لمعة النافذة التي كانت تهتك بالنظر من خلالها إلى أسرار العالم، لقد حصل على النافذة بينما كان يبحث عن لقمة عيش يسد بها جوعه فإذا بالحياة تجود عليه بنافذة من غير جدار، ولا بيت أو حتى سقف
وضع النافذة بالقرب من رأسه عندما افترش الرصيف مساءً وتأمل وضع العالم خلف جسدها الشفاف عواء سيارات بشر يتحركون كآلات جامدة ذهاباً وإيابً، فأر جائع يبحث عن قطة، صبي دون العاشرة يحمل كيساً صخماً به علب فارغةٌ فوق ظهره ويحتمي به أيضًا من البرد القارس، امرأة يتكلم كل شيء في جسدها تبغي الخلاص؛ الخلاص من الوجود. وجرو يحمل نصف جسد في فم أمه وعيناه تلمعان
فإذا بالعكاس الزجاج يرتد على وجهه، شعر قذر، شارب باهت طویل أنف صغير المركز وسط وجهه الشاحب معطف تغير لونه من النوم الدائم على الرصيف أو داخل الحاوية، وأخيراً علامة بارزة على خده الأيمن حصل عليها عندما تعارك مع ظله قبل ثلاثة أيام للحصول على قطعة خبزا تباً منذ متى والظل يأكل الخبز مثلنا؟ يحدث نفسه وهو يبصق في الشارع.
مسح الضباب من على نافذته. يجب أن تبقى نظيفة وإلا فسيصعب عليه رؤية العالم، العالم كله خلفها، جلست امرأة بالقرب من نافذته وهو غارق في تأمله الخارجي. صرخ في وجهها ابتعدي عن نافذتي ايتها العجوز التافهة؟ ردت المرأة هل أنت مجنون؟
وقف غاضباً دون التفوه بكلمة، حمل النافذة بيده ومشى بعيدا ، يلتفت بين الحين والآخر ناحية المرأة، كان يردّد بصمت لن تسرق مني نافذتي كما سرقوا بابي وبيتي وسريري ! لقد سرقوا طعامي مني ! لن أسمح لهم بأخذ أشيائي مرة أخرى.
زاد من سرعته لحماية نفسه المسروقة سلفًا، فاصطدم بصخرة صغيرة لا ينتبه لوجودها ووقع على الأرض قليل من الضفة الأخرى. . انكسرت حياة بأكملها كان يراها قبل
هذه المرة انهارت دموعه، جلس يجمع بقايا الزجاج وهو يردّد هذه غرفة أبنائي، تلك خزانة ثياب زوجتي، هذه زاوية المخزنِ وأمامها مائده الطعام، هذا الفناء الخارجي، هنا يقبع حلمي !