loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

الراسخون في الأرض

breakLine

 

 


علي عبد الرضا/ قاص عراقي

 

السماء ملبدةُ بسحبِ الخوف، وغلاء الاسعار، والهلع من نذر  حربٍ محتملة، حتي الطيارات  التي تعبر الاجواء، اضحت وجلة  ومحبطة، فرفعت أسعار شحنها على البضائع والمسافرين، بينما نمرق الارجاء، وندلف الآفاق في كل وقت من أوقات الوطن بلا وجل أو خوف، ومن العادات التي ورثتها عن العائلة، الاستيقاض مبكرا، رب منفعة انشدها  لو تحققت، اني استنشق هواء الصباح  البكر، الا  انني اضطر أن اسلك  طريقا آخر لان في الدربونة التي تصل بيتي بالشارع  بقايا مخلفات ترميم للكنيسة التي تنتصب في ركنها، ومن الملاحظ أن القساوسة يقومون بترميمها بشكل موسمي، إذ تم طلاؤها هذه المرة بحجر ايطالي مصقول كالمرآة، بحيث أن المرآتين اللتان تجلسان على اعتابها، لأجل طلب الصدقة، تتعمدان إسناد ظهريهما على تلك الأحجار الزجاجية  ليتحاشيا إنعكاس صورتيهما المزريتان عليه. ثمة بناية  مدرسة مجاورة متهالكة البناء، كانت قبل سنوات ثنائية الدوام، ثم بمرور الوقت تحولت الى ثلاثية، وهي الآن ترزح بدوام رباعي، لا جديد تحت الشمس  ينتشل حياتنا من وحل الخيبات والخسران، ومن المضحك أننا بتنا نتمنى وبكل شوق الى ذاك الماضي الذي طالما كنا نترجى أن يتحسن في المستقبل. لسنا بافضل حال من هاتين الامرأتين، كل شيء يدعو الى السخرية، ماذا استنشق وأي هواء نقي بين مخلفات الحرائق  لمعامل صهر النحاس والبلاستك المعاد، الساحة التي كانت تفصلني عن كراج السيارات، والتي كنتُ اتوسم بها أن تتحول الى حديقة غناء، أصبحت أثرا بعد عين، وسكنها بائسون أُخر 
ندور في حلقة مفرغة من الروتين. صادفت اخي الكبير في الكراج، وعلى وجهه ابتسامة لايكاد يخفيها!. سألته متعجبا:- مالامر ياسعيد؟.
رد علي بنبرة  مليئةٍ بالغبطة:- لقد حٌلت مشاكلي أخيرا، وساتزوجُ وأُنجبُ البنين والبنات، إذ اختارني صاحبُ الشركة التي أعملُ فيها، لحراسة بيته مقابل اجر معين، وقد فضلني من بين عشرات العمال الآخرين لديه. حين نادى عليً، وناولني مفاتيح بيته، وطلب مني حراسته ورعايته طوال فترة غيابه، وأفرد لي غرفة خاصة بي.
رددتُ عليه:- خيرا يا استاذ، ماذاجرى؟.
فاجاب:- اتسمعُ وترى طبول الحرب، كيف يدقونها، ياسعيد؟. واردف:-  قررتُ أن التحق بعائلتي، وأنقل أعمالي الى أوربا، انه.. البعدُ المقدسُ يا ولدي.
قلتُ له:- بحزن صادق يختمر نفسي، كبراءة قلوب العصافير، ياسيدي يعزُ علينا، بعدك وفراقك، ولكن متى ستعود؟.
ربت على كتفي وقال:-  ياولدي حينما  تكسبون  معركتكم 
للدفاع عن وطننا الحبيب.