يعنى بالسرد القصصي والروائي
سمرقند الجابري | شاعرة وقاصة عراقية
الاغنياء يغدقون الاموال على ثياب خاطها البسطاء في معامل مزدحمة وزرع قطنها تمساء مثل أبي ليرث اولاده ذات العمل اذن كانت الأرض سعيدة بنا فكل صباح، توقظ الديك ليدلي بنداء الصحو، فتستيقظ المزارع التي تعمل فيها بالاجرة، ونغسل وجه الشمس بابتسامة خفية وامل مكتوم بان نذهب الى المدرسة كبقية الأولاد عجبت كيف يظل لون القطن أبيض رغم غدران الدم المسفوكة فلقد شهدت مزارعنا اختباء رجال عارضوا سياسة رجل ما، وطاردوهم رجال يرتدون ثياباً لم نزرع قطنها، ليجرجروا المختبئين من مكامنهم. ويذبحوهم في الليالي المعتمة فتجري دماؤهم بين الجداول التي تسقي المواشي والارض، لماذا لا يحمل الرجال القساة المعاول لمساعدتنا في زراعة الأرض بدل البنادق التي تقتل شباب بلدي؟ ظلت الاعوام الاخيرة تجر اعدامات ومقابر جماعية، فضاق الامر بروح أمي وتوسلت بأبي بحق غريب قريش» ان نسافر الى الاهوار ففيها الصيد وهو اقل عناء من حقول يقتل فيها شباب كالورد، استرحمت عيناي أنا آخر عنقود عائلة" أهليل"
وحملنا متاعنا الهزيل قبل شروق الشمس، فلم يستيقظ ديك المزرعة ذلك اليوم خيال بعض القطن للذكرى، وصنعت دمية حلوة اسميتها ، زاولة غليت لها ما حفظته من أغاني أيام القطاف، لا تذكر ايام العمل المضنية، الفقد كما لا تعرف اسماء الايام ولا مواقيت الساعة علاقتنا محصورة بأخر الشهر، وانتظار الأعياد لأجل اللعب بالأراجيح الاهوار مخيفة، بيوت من قصب لا زجاج فيها ولا محاريث ولا أرض تبذرها، الابقار هنا حزينة تشبه الارامل اللواتي كن يعملن معنا في الحقل. لا تجول هذا إلا بقوارب ضيقة تشبه سريري الجديد في بيت يملؤه البعوض. فررنا من القتلة لتجدهم بثياب أخرى يرمون القنابل اليدوية في الليل سعيا وراء الهاربين من الجيش ولمن عبر من حدود دولة تجاورنا لقلب نظام الحكم احزاب ما تقيم تجمعاتها قرب دلال القهوة في ليال حالكة لم اعتد تأرجح بيتنا المصنوع من القصب كلما مرت أحدى القوارب دميتي زلوئة، تضحك لي عندما اخاف ورغم اني وضعت لها نقطتين صغيرتين بلون اسود كميون لها غير اني هذا الصباح رأيتها تتحول الى خضراء كأحلامي بعودة الشباب الذين قتلوا الى الحياة.
حملة شعواء لتجفيف الاهوار، فانقطع الرجال عن الصيد واختبأ الجميع في بيوتهم ومنهم من لاذ بالفرار الى مخيمات دول شقيقة، وعندما دب مواؤنا كاللعنة في تلافيف البيت بسبب الجوع ونفاذ الخبز الناشف الذي كنا ننقعه بالماء، أخذ ابي بندقيته وخرج كالمجنون لجلب أي لقمة لنا . فتناوشته الرصاصات وأفطرنا بدموعنا المالحة.
این نذهب؟ فالحدود زرعت بربع العام العالم، وسمك الأهوار اطلق الشهادتين استعدادا للموت مزارع القطن لعنت بني آدم ملء صدرها. - ويلي على إهليل.... حنوه بالدماء. وامي لا تردد غير ذات مساء دخل بيتنا رجل ملثم همس في اذن امي اشياء جعلتها تلم اولادها الذين يشبهون عصيا ناشفة، وتقودنا الى الباب الخلفي للدار غير ان دويا ما فجر بيتنا المظلم، وجعلنا نطير الى السماء، وندخل في مكان ابيض لم يكن مزرعة للقطن، وعندما سألت احدهم اين أنا قال: إنها الجنة».