يعنى بالسرد القصصي والروائي
غيث الربيعي || قاص عراقي
شحذتُ أصابعي ووضعتها بأحشاء لوحة المفاتيح ، فصرتُ بديع زمان عوالم الافتراض ومهدّم صواري وأركان الأسرار . من مَلَك الحرف يحسب أنه أصاب الهدف ، لكنه سرعان ما تصعقه حقيقة أن الرصاصة كسرة تجر الكلمات إلى حتف مظلم ، وكاتم الصوت خطأ إعرابي يكمم الجُمل فيكبلها ويقعدها عن الوصول إلى المراد . أغراني وجودي في دوامة مليئة بالكلمات والسباب ، فالمنشور الذي أمامي لا يليق به سوى اللغة المظلمة ، لغة الليالي التي تبرز حينما تُعلَّق اللغة العربية المُثلى على الرفوف وتخلد ويسبيها النوم العميق . كتبتُ التعليق وخرجتُ من التطبيق على أمل كبير أن لا تراه الجهة التي وراء المنشور ، وقد قلقي أنهى الأمور قبل ابتدائها ! غسلتُ وجهي فكان الماء بلون الدماء ، وحينما نظرتُ إلى المرآة وجدتُ ثقباً بوسط جبيني ، ثم رأيتُ جثتي في حاوية نفايات ..! وبعد ساعة شاهدتُ مقطعاً في الفيس بوك أظهرُ فيه راكضاً وخلفي ثلاثة كلاب جائعة . وفجأة وصلتني رسالة من حساب وهمي ، لم تكن سوى صورة ، صورة تشاهدة قبر مكتوب عليها اسمي وتأريخ ميلادي ،مرفقة مع كلمة واحدة ( التعليق ........ ) ، فلقد كانت القوة السوداء تتكئ على قواها المظلمة وتحفر قبري بينما الليل يخيّم على المدينة كالموت ، وتخطط للأماكن التي ستزرع فيها الرصاصات ، وأول هذه الأماكن ، حيث وجود التعليق ، حيث وجود هذه القصة ، حيث وجودي ، جبهتي ..!
