loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

ثقب في أذني اليسرى

breakLine


قاسم سعودي | قاص وشاعر عراقي

 

بعد أربع بنات جاء الولد ثم ولد آخر، ثم أنا؛ عينان واسعتان وشعر أسود. هكذا صارت أمى تُطلق على لقب الساحر بعد أن أثمرت شجرة العنب لأوّل مرّةٍ في البيت وقت ولادتي، لكن بمجرد أن رأيت شمس الباب خارج البيت سقطت مغشيا على طفلة الجيران. لم أستيقظ بعدها طوال ثلاثين يوما. كانت أمي تجلس في الحديقة الصغيرة قرب نافذة الغرفة، والبنات الأربع يتناوبن أبي يقول إن الطبيب قال خذوه يموتُ في البيت، لكن جدتي رفضت ذلك وصفعته أمي ما زالت تجلس في الحديقة. لم تكن هناك حديقة بل ممر إسفلتي طويل يلتصق بغرف المشفى من الخارج.

بعد أيام جلب أبي خروفًا كبيرًا، وفي الوليمة عمدت أمي إلى فكرة مجنونة بعد نصيحة من خالتي الكبرى، اثقبي أذن الساحر ليظن الناس أنه فتاةٌ فلا يحسدونه مرّةً أخرى». هكذا صرتُ أرتدي في أذني اليسرى قرطا مدوّرًا من الفضة، لا أعرفُ من أين جلبته جدتي. قبلها بسنوات طويلة كان هناك شاب ريفي يمر بحقل القمح وما إن تحدث إلى الفتاة الفلاحة حتى ضربته بحجرٍ على رأسه، كان يضحك والدماء تغسل ثيابه. بعد أسبوع تزوجها. الشاب كان أبي.


شوق خافة أن أخرج من البيت وانتشاجر كالعادة مع أولاد الجيران حتى عمر طويل مع الفرط الفقي والحل على العين. كانت أمي لأعلى إلى صارت أمي هذه المرة تتمنى حقا لو كنت فتاة كيلا أذهب إلى الحرب

وأعود في صندوق خشب عينان واسعتان ورأس كبير أصلع بعد عقوبة طويلة من العريف شملت حلاقة الرأس والتدخرج إلى ما لا نهاية، وصلت إلى المدينة بالقلوب إلى البيت إلى الغرفة إلى صورة فوتوغرافية فيها طفل كان يسمى الساحرة الساحر الذي ما زال يرى بالمقلوب كل

 

نحن جيل كامل من السحرة

لا تعرف كم صبرنا

الواحد منا بخير الآخر

حتى لا ترى كل هذا الدخان

ساحر لا يمتلك شيئًا سوى عموده الفقري

ساحر يدفع العربة ساحر يعيش في علبة من حجر ساحر يكتب النصوص ساحر يضغط على الزناد


ساحر يكثر من الشراب

ساخر يعمل في مركبة القمامة

ساحر يعلم التلاميذ

أو يعالج الأمهات الوحيدات في الغرف

ساحر لا يعرف أن يعيش جيدا على هذا الكوكب

نظرة واحدة منك جعلته ساحرًا

ساحر متورّط بنظرتك

ساحر مرفوع الرأس

ساحر بلا رأس

ساحر يعيش في بغداد

بقرط فضي

وشعر أسود كان طويلاً