loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

حياة لا تحكمها الغرائز

breakLine

 

 

هيثم الطيب
قاص | عراقي

 

لقد تزوجا في العام 1986، لم يكونا سعيدين، أنجبت هي أربعة أطفال ثم شعرت بالخواء، أصبح الأمر يتطلب الكثير من الوقت والكثير من التعبير عن مشاعر الأمومة، رغم أنها فيما سبق كانت تعتبر الأمومة وظيفة كما كانت تقول.
لم تولي العائلة أهمية تذكر بل صبت أهتمامها نحو وظيفتها وطريقة أدامة هذه العلاقة التي تقدم صورة لحياة الشغيلة ومشاكلهم ومصيرهم، تعاني من الرهاب والخوف من الظلام وتعد الحليب لنفسها في المساء ومع ذلك فقد كانت تعاني من هشاشة في العظام والروماتزم وسقوط بعض أسنانها رغم مواضبتها على تنضيفها صباحاً ومساءاً.
عندما تتحدث فأنها لا تأتي بشيء جديد وكلامها ليس مؤثراً ورغم النصائح التي وجهت لها الّا أنها لا تصمت ولا تريد الأعتراف بأنها أصبحت تعيش ضمن نطاق العائلة التي تكونت في العام 1986.
هذا فظيع جداً قال زوجها وهو يضحك، أنها تشبه جنرال أحيل على التقاعد بسبب ترويجه للخرافات، لكن ظهوره هكذا بمظهر اللامبالاة وعدم الأهتمام لا يخدم قضية أستمرار هذه المؤسسة الأستهلاكية التي أسمها الزواج وقال لا يمكن أجبارها أو أخضاعها للصدق، لا يمكن لها يوماً أن تكون صادقة أنها تمتهن الكذب، أنه بالنسبة لها قوتها الكبرى التي تعينها في هذه الحياة، قال: لم يعد الأمر يثير فضولي أذ أن الأحداث والوقائع لا يمكن أن تسير بصورة مستقيمة لأنها متقاطعة دائماً، كما أنها ليست نمطية قطعاً، وبصورة أكثر عمقاً أستطيع النظر اليها من زاوية الماضي الذي يتحكم بالأحداث التي تحصل في حياتي.
أحاول أن أقول الآن، بأنني أشتاق الآن لرؤية كائن بشري كما أشتاق الى نفسي، يجعلني قادراً على رؤية الأشياء على حقيقتها، حياة لا تحكمها الغرائز بل الحواس، مع أني أجد نفسي دائماً ضمن حدود العيش بلا هدف.
كنت أعي كل شيء يدور حولي وأعرف كل شيئ عن قطرات المطر وأين تسقط، وأردت قول ذلك الى الناس الذين كانوا يقفون صامتين لكن صوت تنفسهم العالي منعني من ذلك.
أنه عالم سيئ وبشع وفوضوي، قال هذا وهو يراها تدفع عربة التسوق أمامه من غير أن تنظر اليه كما لو أنه كان العام 1986.