يعنى بالسرد القصصي والروائي
عماد جاسم | كاتب عراقي
على حائط الباب الرئيسي، وجدتها رسالة عتيقة بمظروف أصفر أدهشني هذا الحدث كأنه مقلب ثقيل الدم في زمن الرسائل الرقمية والنت والفيس بوك، يختار صاحبها أن يكون شبيهاً لإعلانات المطاعم، لهذا لم أتعاطى معها على محمل الجد، إلا أن خطابها المسلفن بعبارات شاعرية مرة ولغة نارية مرات أخرى سمرت خطاي ليستدرجني الأسلوب نحو الإمعان في خفايا الرسالة (كن واثقاً من محبتي يا صاح فقد كنت رفيق خطواتك وحماقاتك وأحلامك، نكتب قصائدنا بوجل المحبين الأنقياء ونطهر أرواحنا عند أضرحة الأولياء) وتطول الرسالة، إنه استهلال لعتاب يستعيد الجذور والأغصان لعمر تسربل بين النوايا المذهبة بالصدق والوقائع المدججة بالخيبة، خليط من مشاعر الدهشة والذبول والفضول أرجوحة الحديقة أسندت جسدي في لحظة مسروقة من مشاهد فلم هندي مكرور وصاحبي يواصل النشيد (أختفيت وتقافزت خطانا بين دروب البلاد الوعرة، أشتعلنا بحرائق المعارك وتجارب الحب وهذيانات الوطن المبتلى والعلاقات العقيمة وإصفرار الوجوه الناقمة وشجون الجدال السياسي والمكاسب والمراتب والشوائب، وأمس لمحت ظلك على شاشات التلفاز ببدلة أنيقة وعبارات منمقة، وأستسهلت أختيار لعبتنا الأثيرة عندما نشتاق ،،فنكتب لبعضنا بلا كوابح أو مصدات، أكل كل هذا وتعال نستعيد بريق أغنيات شيخ أمام ومارسيل خليفة ونجاة الصغيرة ونلتقي عند خط المصلحة ذي الرقم (119) القادم من الميدان لنحط الرحال عند بريد بغداد الجديدة.
مسحت نظاراتي لخمس مرات، تقاطرت الدموع بوحشة وانكسار معلن، هرولت باتجاه الباب الرئيسي عسى أن المح ساعي بريد أو دراجة نارية تنتظر الرد، الذي سأحتفل بكتابته حتما ، معرباً عن شوق عارم ومشاعر طفولية باسترارد بهجتي راكلاً ذلك العالم المتورم والمتلون، لكن ثمة صوت حشرجة لضحكة مخنوقة لأبنتي على بعد أمتار، تكتم صوتها باستيحاء وهي تخبر والدتها الحائرة والمتخوفة من الزهايمر أو انفصام الشخصية في لحظات معدودةمن كل شهر أو أكثر، نعم تخبرها عن سر هذا الولع لي بالسهر لكتابة رسالة شاعرية والبحث المقلق والمثير للعجب والسخرية عن مرسلها.