يعنى بالسرد القصصي والروائي
اعتماد الفراتي
شاعرة وكاتبة | عراقية
هسيسُ القدر، لحنٌ يُرتَّلُ بماءِ نورٍ يشعُّ من كفِّ السراب. يغتسلُ بنهر النور، نَفَسٌ يتلاشى قبل أن يلامسهُ الشفاه. أمدُّ يدي إليه فيتحولُ إلى نسيماً أضمُّه، يتخلَّلُني ويشغلُ خلاياي كوهجٍ بلا ملامح، بلا حدود، بلا صوت. نبضٌ في إيقاع اللازمن. كلما اقتربتُ منه اتسعتُ، وكلما ناديتُه همسَ لي:
هل يُمسك السرابُ الضوء، هل يُدركُ الفجرُ صهيل الفناء؟..
أصواتٌ في نسيج الليل تمتزجُ بأثير وهجها الخفي، تمتدُّ كحروف نورٍ على صفحات العتمة، لتعلنَ:
أنا سكينةُ الأنفاس. أسدلُ ستائري، فأتهجدُ الأرواح، بحثاً عن نجمٍ نأى عن قدرٍ ينزلقُ بين أصابعي كهمسات ماءٍ خفية. أنا سليلُ الغيب، أعبرُ السُدفَ كنهرٍ من خفاء. أضيءُ ما يجهلهُ الساهرون، أبعثُ أنفاس السماوات:
فمن يلامسني يحترق، ومن يغتسلُ بي يُبعثُ روحاً من طهر.
تتبع الأثرَ المخبوءَ في الأفق، تهمسُ للملائكة بسرها بمقامها السرمديّ، ترتّل في محرابها صلاة الأزل.. تلهجُ:
ليتني أذوبُ في حبرها المنثور، أتلاشى كما الدعاء بين السماء والأرض، تسمعُ صوت إيقاع الأزل مخاطباً:
أنا الوعدُ المخبأ في جعبة الدهر الممهور بختم الكاف والنون.
أنحني بين يدي السكون، أفيضُ ندىً من لا زمان. فمن لمسَ سري سكنه النقاء، ومن غفلَ عني تاهَ في حكايات الغروب. انعتاقٌ من ثقل الأرض إلى شفافية السماء، تماهٍ مع النور، تحوُّلٌ من كيانٍ في الجسد إلى لحنٍ يُرتَّلُ في صوامع الأبد، مردداً سلاماً حتى مطلع الفجر...