loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

ضماد لامع

breakLine

إيمان اليوسف | قاصة إماراتية


الشَّمس تُشرقُ كلَّ يومٍ لا تزال، قادرة على تقليب جلستها مع القمر في لعبة الكراسي السماوية، حين حُشِرَتُ في ثقب أسود صغير. قبل مدة تبدو بعيدة الآن، أخبرنا أنه من الأفضل أن نُغطّي ذلك الثقب.

أنهم حكومات الدول العظمى تتلصص علينا من خلاله كان علينا أن نحكي أنفسنا بقطع علكة أو ملصقاتٍ ضَئيلةِ الحَجم تغطي فم الانتهاك نحمي المفترسة التي ستغتصب خصوصياتنا من ذلك الفتق في جدار الآثير. يعني بيطالعوني وأنا أرقص ؟ غطت ابنتي اليازية فمها بكفها وارتفع كتفاها عن رقبتها بعض الشيء صدقيني بتلوع جبودهم .. تحد متفيّج يشوفج. ردّ عليها ساخرًا ابني محمد بينما يُحرك شوكته في طبق المعكرونة.

اختار ولداي بعدها تغطية الثقب - كاميرا الحاسوب- بضادِ زهري عليه رسمةً كرتونية لامعةً لخيل بقرنٍ واحد. كان من مفضلات البازية، لذلك اختارته لي، بينما ظنّ محمد أن ذلك الضماد تحديدا يؤكد فكرة أن «لا شيء مستحيل كما تفعل كل الكائنات الخيالية التي تنتمي إليها الخيول ذاتِ القرن الواحد من باب الاحتياط، إذ قد تكون الدول العظمى فعلاً مهتمةً بيوميات أخته المراهقة دون قضاياها المحورية الراهنة قبل ستة شهور من اليوم، أزلتُ ذلك الضماد عن الكاميرا الثقب تخيلتني أسحب بتلك الفعلة العصابة التي كانت تغطى أعين رجالات الدول العظمى التي لا شغل لها سواي والله ما دروا عني، ضحكت خلهم يركضون ورا لقاح الكورونا أول.

تم استبدال حياتي كلها بتلك المساحة الدائرية التي لا يتعدى قطرها المليمترين، لا خيار آخر سواء إن كنت أريد أن أصل، يدرس ولداي، ويراني العالم وأراء، طوال الشهور السنة الأخيرة لم أبرح فالك النفق الذي يحمل العالم إلى أمالاً اختراق الحياة، أصبحت اليوم الملاذ الوحيد للاستمرار والنجاة. ما كان يُعَدُّ حماية لخصوصياتنا، أصبح اليوم عائقًا لأن نتنفس. وكأسماك زينة في حوض، يبدو أن العالم لم يمانع الفرجة علينا.

عند استخدام كاميرا الحاسوب فحسب للاتصال والتواصل، ستسعد أولاً بلقاء من تحب. يفصلك عنهم شارع أو جدار لا أكثر، لكنك أن تقترب منهم إلى أبعد من شاشة الحاسوب المضيئة التي ترهق العينين، حماية الحياة جميع الأطراف، أنت وهم، بعد أن تسعد بخيط الأمل الوحيد هذا سينزلق من بين يديك خيط الزمن وتعثر الساعة بقدميها غير متساويتي الطول.

مبارك، أنت تقلد إنسانيتك وتصبح شاشة تدر عيد من قال أن المستقبل للرجال الآليين؟ هو على ما يبدو لصورنا الممسوخة على شكل شاشات مسطحة.

أنا الآن صوراً في شاشة كيان ثنائي الأبعاد كم أشبه شخصيات الرسوم التي يحبها ولداي!