يعنى بالسرد القصصي والروائي
عمارة لخوص | روائي جزائري
لم يجد العقيد كريم سلطاني صعوبةً تُذكَر لرَكْن السَّيَّارة أمام فيلَّا بديعة، بُنيت على الطراز القديم أيَّام الاستعمار، لم يكن هناك أثر لقوَّات الأمن، فأدرك أن الجريمة لا تزال في طيِّ الكتمان. سار خلف العميد بلقاسمي الذي أسرع الخُطى، فولج العقيد البوَّابة الرئيسة، وظهرت له حديقة مليئة بأشجار البرتقال والليمون، متناسقة في الطول والعرض، وطاف ببصره على الزُّهُور المختلفة الأنواع الموزَّعة بإحكام وذوق رفيع. اقترب من وردة حمراء، فمَدَّ يده، ولمسها برفق، ثمَّ انحنى وقرَّب أنفه، فاشتمّ أريجها. لحق بالعميد، وصعد إلى الطابق الأوَّل، فرأى باباً مفتوحاً في آخر الرواق، قَصَدَهُ، فوجد نفسه في غرفة نوم فسيحة، تُطلُّ على شرفة كبيرة، كانت الرائحة تزكم الأُنُوف رغم أن النوافذ مفتوحة. أوَّلُ وجهٍ وَقَعَ عليه بصره هو الطبيب الشّرعيّ عبدو حملاوي وكانت علامات النعاس لا تزال عالقة بعينَيْه، ربَّما جيء به على عجل دون السماح له بغَسْل وجهه. بعد خطوات، وقف كريم وجهاً لوجه أمام الجثَّة. كان القتيل عارياً، مُقيَّد اليَدَيْن والقَدَمَيْن وسط خليط من الدم والبول والبراز. اقترب أكثر فرأى أرنبة الأنف على الصدر، وعلامات الذَّبْح من الوريد إلى الوريد.