يعنى بالسرد القصصي والروائي
حبيبة المحرزي
قاصة | تونسية
نقر زجاج النافذة، التفتت إليه فزعة ودويّ الارتطام بحافة الرصيف المرتفعة يرجّها، وعويل القطار يداهمها وهي في وسط السكة. ضغطت على الزر، وقبل أن ينسحب البلور قال لها:
-لا تجزعي.. خبطة بسيطة أتلفت العجلة، لا تخافي سنغيرها، ابقي في مكانك، ساتصرف سيدتي الكريمة.
ظلت في مكانها لا تتحرك، قلبها يتخبط، دقّ وطرق والسيارة تتارجح وتميل بها إلى اليسار. لغط وحديث مشوش في الخارج، انكبت على المقود بعد أن نظرت في ساعتها:
إنًهم ينتظرونها.. باقات الورد على الطاولة المغطاة بلحاف أبيض لماع، أبصارهم شاخصة إلى الباب، لم تتعود التأخر.. يتفقدون ساعاتهم، الأمر غريب، لم تخلف ميعادا ابدا..!!
كانت أول من يصل.
حاولوا الاتصال بها، لكنها لا ترد..
اللغط والضجيج والدق يربكها، عقارب الساعة تقفز مجنونة،
لم تتبق الا لحظات قليلة، لقد انتهى الأمر.. لا تكريم ولا ورود ولا فرح!
"العجال" يغير العجلة، والشاب يطمئنها "الأمر بسيط، كل شيء سيكون على ما يرام..."
تمد إلى "العجال" أوراقا مالية لم تعدها، تدير المحرك لكن السيارة لا تتقدم بل تهرول يمينا ويسارا، تبعث برسالة قصيرة تعتذر فيها عن الحضور.. الشاب يطلب شاحنة التحميل، تُسحب السيارة وهي في مكانها تمسك بالمقود دون أن تقود، قبل أن تصير أعلى من كل المارين ومن السيارات المجنونة. نقر عليها البلور قائلا:
-سيدتي لقد اضعت مائة دينار وانا أساعد العجّال!
بعثرت بين يديه ماتبقى في محفظتها من أوراق ماليّة وهي تتمتم:
"ظننتك شهما.. ظننتك شهما...!؟