loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

علبة الثقاب

breakLine


محمد العرجوني || قاص مغربي

 

زار إبن أخته الذي استقر بالمدينة بعد أن أتمم دراسته وأنعم عليه حظه بالتوظيف بإحدى الوزارات. كانت تربطه علاقة صداقة متينة بإبن أخته. فقد كان سنده في السراء والضراء خاصة حينما كانت الظروف الصعبة تقهر زوج أخته وتجعله يفكر في توقيف ابنه عن الدراسة وتحميله مسؤولية الرعي. كان الخال يتدخل بكل حذر وحيلة فيقنع الأب على العدول عن رأيه. علاقة الخال مع إبن أخته كانت علاقة مبنية على الصداقة المتينة حيث لم تكن تخضع لأي حاجز نفسي أو حياء. كانا صادقين وصريحين مع بعضهما.
اثناء زيارته تلك، تلقى الترحاب الكبير من قبل إبن أخته. فقد استقبله في مكان توقف الشاحنة القادمة من البادية، قرب مكان السوق الأسبوعي. وبما أنه كان قد اشترى حينها "مشغل كاسيت" الذي كان حديث اقتحامه سوق المستهلكين، أحضر إبن الأخت فيلما للسهر مع خاله. فبعد العشاء الذي كان باذخا قام بإعداده إبن الأخت العازب، ادخل الكاسيت بالمشغل ليفاجئ خاله بفيلم تتخلله لقطات إروطيقية. بقي الخال مندهشا أمام تلك اللقطات التي يظهر فيها رجل يداعب امرأة، مداعبات زادت من تكسير حاجز الحياء بينهما. فكان الخال يعبر بطريقته البدوية عن اندهاشه وفي نفس الوقت عن إعجابه. فكان يردد قوله:
- انظر كيف يعيشان حياتهم... انظر كيف يقبض على "بزازل" المرأة...ما هذا يا إبن أختي يا عفريت...
هذا ما ترسخ في ذهنه منذ تلك الليلة التي قضاها مع إبن أخته، وطيلة رجوعه إلى قريته وهو يمتطي الشاحنة التي يركبها البدو لقضاء مآربهم بالمدينة والرجوع إلى القرية، يوم السوق.
عند رجوعه، في تلك الليلة التي تجمعه مع "مولات خيمته" اي زوجته، "سيدة الخيمة"، على نفس الفراش ، والتي كانت سعيدة بالشال الذي اشتراه لها، لم يتردد، وهو يقترب منها، في إدخال يده اليمنى تحت عباءة زوجته بحثا عن "البزازيل"، محتفظا في تخيله بنهدي تلك الشقراء التي شاهدها في الفيلم، هدفه تقليد ما رآه ومداعبة "بزازل" زوجته...
لكن في هذه اللحظة، وهي تحس بيد زوجها الخشنة فوق صدرها، فأجأته "مولات خيمته" بقولها :
لا أحمل علبة الثقاب... هي بالقرب من الكانون.