يعنى بالسرد القصصي والروائي
شيرين بكر حمو
قاصة وكاتبة | سورية
كان لبعض الأماكن سحرها الخاص. رواق ذاك المنزل العتيق كان يشبه تمامًا شرفة أحلامها. ولما عجزت الشمس بقوتها عن الدخول خلف أسوار الحزن، كان هو بصوته مثل برقٍ في وجه الخريف، يضيء جدران الروح المظلمة.
كانت ليلى تجلس وحدها وسط غرفتها المليئة برائحة الأيام الماضية. على رفوف الذكريات، تنام قصص الفراق والصبر، وقصص الحب التي كانت تتجه بثبات نحو الغروب. كل شيء هنا كان يذكِّرها بليل الحزن الطويل.
وفي إحدى تلك الليالي الهادئة، حيث اختفى كل شيء خلف كفن صدق ناصع، مرصع بضحكات منسية في جيوب الزمن الأسود، ظهر في حياتها. كان مجرد عابر سبيل، أو هكذا ظنت في البداية.
لكن شيئًا فيه كان مختلفًا؛ ربما كانت نظراته التي حملت وعدًا خفيًا، أو ربما كان صوته الذي استطاع كسر جليد الصمت وصدى السنين.
"أقبلي معي"، قالها بصوت واثق محبب، ومدَّ يده كطوق نجاة في بحر تيهها. كان كلامه مثل شمس حنونة تتحسس طريقها إلى قلب مجمد. قررت ليلى أن تفتح أبواب قلبها لتلك الشمس.
مع مرور الأيام، بدأت خدودها تتعافى من الدموع، وبدأت عيونها تلمع خلف ما كان يبدو كدروع لا تنكسر. كان للحب قدرة عجيبة على التسلل ببطء، ليعيد بناء ما قد تخيلت أنه انكسر إلى الأبد.
قام معهم ببناء وطن جديد. وطن بعيد عن الأحلام الضائعة، مصنوع من بقايا الملح المنثور فوق خطوات الموج الهارب من الأفكار المخيفة. وطن لا يعرف اليأس طريقًا إليه.
وفي ذلك المكان، وسط الحكايات المنسية التي أعادوا سطرها معًا، وجدت ليلى السلام. وجدت النور الذي يعيد للأشياء لونها. وجدت الحب الذي قام معهما برسم مستقبل مختلف، ذو بريق لا يمكن محوه من آفاق العمر.
لأن الحب، وإن أتى بعد عناء، قادر على خلق أجنحة جديدة، تطير بها الأحلام، نحو غد مشرق، مليء بالضحكات التي تأتي بعد الألم.