loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

كلُّنا مع بعض

breakLine

 

نصرا إبراهيم | كاتبة سورية
                     


يبدو أني لم أكنْ على صواب، هذا ما جادتْ به نفسي، لم أجبْها بحرف واوي، أو يائي. بل أطلتُ النظرَ في حجارةِ الرصيف، حتى أني خفتُ أن أصيبَها بالعين! وتنكسِرَ حجرةً بعد أخرى، فحولتُ نظري نحو السماء..
الأهم أني فكرتُ، وأدركتُ أني لم أكنْ على صواب.
لو كنتُ كذلك، لكانتْ زمرةُ التفاحِ الذي أتناولُه حلوةً أعلى  من نسبةِ دهاء من لم ألتقهم. كونَهم مشغولين بعدِّ حباتِ سبحةِ أحلامِهم المتبقية في خيط الحرير الذي يحيطُ بأعناقِهم.
يخطرُ ببالي أن أتسلى قليلاً 
فالبالُ فاضي...
كلُّنا مع بعض:
نحبُّ الأغاني العاطفيةَ التي تضربُ على وترِ البكاء، فنجذبُ بفعلنا هذا كلَّ مآسي العالم، ثم نلقي اللومَ على المغني.
نسمعُ الأغاني الشعبيةَ التي تحرضُنا على شربِ الماء، نشربُ إلى أن ينضبَ العنبُ، وبعدَها نلومُ طناجرَ الضغط التي لم تنذرْنا بالخطر.
نسهرُ و نثرثرُ في شؤون ما وراء البحارِ، والزلازلِ، ومنعطفاتِ التاريخ. نقشّرُ لوزَ الساحلِ، نصعدُ نخيلَ الجنوب، وصوتُ نباحِ الكلاب يملأ الفسحةَ السماويةَ المتبقيةَ على خريطةِ العمر، فنجفلُ، ونشتري الأكفانَ!
كلُّنا مع بعض:
نمشي تحت ظلالِ القلعةِ، نتذكرُ الأجدادَ، نُعظّمُ عظامَهم، نعلقُها تعاويذَ تقي من شرِّ إبليس، وحين ننظرُ في المرايا نرى نحن فقط، فنصابُ بالهستيريا.
كلُّنا مع بعض:
ننامُ حتى تصيرَ الشمسُ في الجهةِ الأخرى من الأرض، 
ثم نلعنَ النعاسَ الذي سرقَنا من متعةِ نون  النورِ، ورمانا في واو الويلات، وأخفى عنّا راء الرزق.
كلُّنا مع بعض:
نبرةُ أصواتِنا أكبرُ من حجمنا لو قسنا أحجامَنا بالفعل، وأكبرُ من قلعةٍ فارغةٍ لو قسنا أحجامَنا بالتسويف. الأهم  أني فكرتُ أن أمدحَ البحرَ، سمعَ البحرُ بنيتي،
فهاجَ، وماجَ، وأخذَ معه ما تيسّرَ من فكرةِ القاربِ، ورماها على الهامش.
كلُّنا مع بعض:
نفكرُ بصوتٍ منخفضٍ، ونحكي بصوتٍ عالٍ، نبني جسوراً، وقلاعَ، نشتري علبَ الهندسة، وآلاتٍ موسيقيةٍ، نكتبُ المعلقاتِ لصغار العقول، ونافخي الجيوب.
ننحتُ في الصخر، ونعقدُ صفقاتِ تصدير الكلامِ، واستيراد الداء.
نركبُ القطارَ، ونقرأ الصحفَ الالكترونية، ونحن ننظرُ من النوافذِ، نصفُ الطبيعةَ بجملةٍ خضراء، نروي سيرةَ القصبِ الأصلُ، والفرعُ، وأنينُ الناي، ثم ننهضُ من التصوفِ إلى قراءة الكف.  
كلُّنا مع بعض:
نمشي دمى متحركةً على الرصيف الذي كادتْ عيناي أن تصيبَه بالعين...!