يعنى بالسرد القصصي والروائي
بان علي
كاتبة | عراقية
فورةٌ، فورتانِ، ويجفُّ القلبُ.
يذبلُ الجسدُ فتهطلُ أمطارُ النفسِ بغزارةٍ، أملاً بأن تستعيدَ هندامَها بشكلٍ لائقٍ..
يستوطنُ الغرباءُ في الأزهارِ، حيثُ تمتلئُ السيقانُ بالأشواكْ، منفصلةً عن جذورِها، كما لو أنَّها تتحدثُ عن وداعٍ أخيرٍ.
والأزهارُ تواصلُ احتفاءَها بالنشوةِ الأولى، كلَّما امتدَّ أنفٌ نحوَها.. أنفٌ هنا، أنفٌ هناك...
وأنا أُحصي عددَ الأنوفِ الممتدَّةِ، أتساءلُ: كيفَ يمكنُ للأزهارِ أن تبكي، حينَ يجفُّ قلبُها؟
لا أحدَ يُتقنُ الإجابةَ هنا، والصمتُ يتَّسعُ مَداهُ نحوَ رحابةِ الأفقِ البعيدِ.. تاركًا البحرَ في لُجَّةِ السؤالِ، يتأملُ الرمالَ حولَهُ، مُنصِتاً لهمهمةِ ذراتِها، وهي تُحدِّثُهُ عن قسوةِ القيظِ ويُغشى عليها من شدَّةِ البكاءِ..
تبكي الرمالُ ويتعالى زفيرُ البحر... بموجةٍ زرقاءَ، تندفعُ نحوَها بقوةٍ، مُعلِّلاً وجودَهُ بالكاملِ لأجلِ الرمالِ وبكاءِ العابرينَ أمامَهُ.
التاريخُ يُغيِّرُ نفسَهُ آلافَ المراتِ، بينما يظنُّ الوقتُ أنَّهُ الوحيدُ القادرُ على أن يُغيِّرَ نفسَهُ بنفسِهِ.
يجتهدُ الاثنانِ في لعبةٍ ماكرةٍ لتدشينِ الزمنِ بلا قلبٍ.
بينما يضحكُ المكانُ لكلِّ هذا، مُنتصِراً للأزهارِ والبحرِ والقلبِ وهو يقولُ: "لا شيءَ حقيقيٌّ هنا، إنَّهُ حُلم!"